للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَومِي هَذَا، كُلُّ مَالٍ نَحَلتُهُ عَبدًا حَلَالٌ،

ــ

الصلوات والأذكار والدعوات؛ حرصا على الإكثار وقضاء للشهوات والأوطار.

قلت: وهذه وصايا السلف وسير أئمة الخلف، قد نبذها أهل هذه الأزمان، وانتحلوا ضروبا من الهذيان، فترى الواحد منهم كحاطب ليل، وكجالب رجل وخيل، فيأخذ عمن أقبل وأدبر من العوام، وممن لم يشعر بشيء قط من هذا الشأن، غير أنه قد وجد اسمه في طبق السماع على فلان، أو أجاز له فلان، وإن كان في ذلك الوقت في سن من لا يعقل من الصبيان، ويسمون مثل ذلك بالسند العالي؛ وإن كان باتفاق السلف وأهل العلم في أسفل سفال، وكل ذلك قصد من كثير منهم إلى الإكثار، ولأن يقال: انفرد فلان بعالي الروايات والآثار. ومن ظهر منه أنه على تلك الحال فالأخذ عنه حرام وضلال، بل الذي يجب الأخذ عنه من اشتهر بالعلم والإصابة والصدق والصيانة ممن قيد كتب الحديث المشهورة، والأمهات المذكورة التي مدار الأحاديث عليها، ومرجع أهل الإسلام إليها، فيعارض كتابه بكتابه، ويقيد منه ما قيده، ويهمل ما أهمله، فإن كان ذلك الكتاب ممن شرط مصنفه الصحة كمسلم والبخاري، أو ميز بين الصحيح وغيره كالترمذي، وجب التفقه في ذلك والعمل به، وإن لم يكن كذلك وجب التوقف إلى أن يعلم حال أولئك الرواة، إما بنفسه إن كانت له أهلية البحث في الرجال، وإما بتقليد من له أهلية ذلك، فإذا حصل ذلك وجب التفقه والعمل، وهو المقصود الأول، وعليه المعول. وكل ما قبله طريق موصل إليه، ومحوم عليه. وإن من علامات عدم التوفيق البقاء في الطريق من غير وصول إلى المقصود على التحقيق.

و(قوله تعالى (١): كل مال نحلته عبدا حلال) معنى نحلته: أعطيته، والنحلة: العطية - كما تقدَّم - ويعني بها هنا: العطية بطريق شرعي، فكأنه قال: كل


(١) أي: في الحديث القدسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>