المأمور بها في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذكُرُوا اللَّهَ ذِكرًا كَثِيرًا} وهذا المساق يدلّ على أن هذا الذكر الكثير واجب، ولذلك لم يكتف بالأمر حتى أكده بالمصدر، ولم يكتف بالمصدر حتى أكده بالصفة، ومثل هذا لا يكون في المندوب. وظهر أنه ذكر كثير واجب، ولا يقول أحد بوجوب الذكر باللسان دائما، وعلى كل حال، كما هو ظاهر هذا الأمر، فتعين أن يكون ذكر القلب، كما قاله مجاهد. وقاله ابن عباس - رضي الله عنهما -: ليس شيء من الفرائض إلا وله حد ينتهي إليه، إلا ذكر الله ولم يقل هو ولا غيره - فيما علمناه - أن ذكر الله باللسان، يجب على الدوام، فلزم أنه ذكر القلب، وإذا ثبت ذلك، فذكر القلب لله تعالى، إما على جهة الإيمان والتصديق بوجوده، وصفات كماله وأسمائه، فهذا يجب استدامته بالقلب ذكرا أو حكما في حال الغفلة؛ لأنَّه لا ينفك عنه إلا بنقيضه، وهو الكفر. والذكر الذي ليس راجعا إلى الإيمان: هو ذكر الله عند الأخذ في الأفعال، فيجب على كل مكلف ألا يقدم على فعل من الأفعال، ولا قول من الأقوال - ظاهرا ولا باطنا - إلا حتى يعرف حكم الله في ذلك الفعل؛ لإمكان أن يكون الشرع منعه منه، فإمَّا على طريق الاجتهاد إن كان مجتهدا، أو على طريق التقليد إن كان غير مجتهد، ولا ينفك المكلف عن فعل أو قول دائما، فذكر الله يجب عليه دائما، ولذلك قال بعض السلف: اذكر الله عند همك إذا هممت، وحكمك إذا حكمت، وقسمك إذا قسمت، وما عدا هذين الذكرين لا يجب استدامته ولا كثرته. والله أعلم.