للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّمَاءِ الدُّنيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَيَسأَلُهُم اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعلَمُ: مِن أَينَ جِئتُم؟ فَيَقُولُونَ: جِئنَا مِن عِندِ عِبَادٍ لَكَ فِي الأَرضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحمَدُونَكَ وَيَسأَلُونَكَ، قَالَ: وَمَاذَا يَسأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسأَلُونَكَ جَنَّتَكَ، قَالَ: وَهَل رَأَوا جَنَّتِي؟ قَالُوا: لَا أَي رَبِّ، قَالَ: فَكَيفَ لَو رَأَوا جَنَّتِي؟ قَالُوا: وَيَستَجِيرُونَكَ،

ــ

منها الكذب والبدع، ومزامير الشيطان. نعوذ بالله من حضورها، ونسأله العافية من شرورها.

و(قوله: فيسألهم - وهن أعلم -: من أين جئتم؟ ) هذا السؤال من الله تعالى للملائكة، هو على جهة التنبيه للملائكة على قولها: {أَتَجعَلُ فِيهَا مَن يُفسِدُ فِيهَا وَيَسفِكُ الدِّمَاءَ} وإظهار لتحقيق قوله: {إِنِّي أَعلَمُ مَا لا تَعلَمُونَ} وهو من نحو مباهاة الله تعالى الملائكة بأهل عرفة حين قال لهم: ما أراد هؤلاء؟ انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا، أشهدكم أني قد غفرت لهم (١). وكذلك نُص عليه في الحديث.

و(قوله: ويمجدونك) أي: يعظمونك بذكر صفات كمالك وجلالك. وقد تقدَّم: أن أصل المجد الكثرة، ومنه قولهم: في كل شجرة نار، واستمجد المرخ والعفار.

و(قوله: كيف لو رأوا جنتي؟ ) هذا يدلّ على أن للمعاينة زيادة مزية على العلم في التحقيق والوضوح؛ فإنَّ هؤلاء القوم المتذكرين للجنة والنار كانوا عالمين بذلك، ومع ذلك فإنَّ الله تعالى قال: فكيف لو رأوها يعني: لو رأوها لحصل من اليقين والتحقيق زيادة على ما عندهم، ولتحصيل هذه الزيادة سأل موسى الرؤية، والخليل مشاهدة إحياء الموتى، وقد تقدَّم هذا المعنى.


(١) رواه ابن خزيمة (٢٨٤٠)، والبغوي في شرح السنة (١٩٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>