[٢٦٢٦] وعنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس توبوا إلى الله،
ــ
الذكر الذي كان دأبه، فكان يستغفر الله من تلك الفترات (١)، وقيل: كان ذلك بسبب ما اطلع عليه من أحوال أمته، وما يكون منها بعده، فكان يستغفر الله لهم. وقيل: كان ذلك لما يشغله من النظر في أمور أمته ومصالحهم، ومحاربة عدوه عن عظيم مقامه، فكان يرى أن ذلك - وإن كان من أعظم الطاعات وأفضل الأعمال - نزول عن علو درجاته ورفعة مقامه، فيستغفر ربه من ذلك، وقيل: كان ذلك حال خشية وإعظام لله تعالى، والاستغفار الذي صدر منه لم يكن لأجل ذلك الغين، بل للقيام بالعبادة، ألا ترى قوله في الحديث: إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله فأخبر بأمرين مستأنفين ليس أحدهما معلقا على آخر. وقال بعض أرباب الإشارات: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان دائم الترقي في المقامات، سريع التنقل في المنازلات، فكان إذا ترقى من مقام إلى غيره اطلع على المنتقل عنه، فظهر له: أنه نقص بالنسبة إلى المنتقل إليه، فكان يستغفر الله من الأول ويتوب منه. كما قال في الحديث. وقد أشار الجنيد - رحمه الله - إلى هذا بقوله: حسنات الأبرار سيئات المقربين، والله تعالى أعلم.
و(قوله: يا أيها الناس توبوا إلى الله) أمر على جهة الوجوب، كما قال تعالى:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ المُؤمِنُونَ} وكما قال تعالى: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوبَةً نَصُوحًا} وقال: {وَمَن لَم يَتُب فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ولا خلاف أنها واجبة على كل من أذنب، وهي في اللغة: الرجوع. يقال: تاب وثاب وأثاب وأناب وآب، بمعنى: رجع. وهي في الشرع: الرجوع عما هو مذموم في الشرع إلى ما هو محمود فيه، وسيأتي استيفاء الكلام فيها في الرقائق، إن شاء الله تعالى.