للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟ قلت: أخبرني يا رسول الله، قال: إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده.

رواه أحمد (٥/ ١٦١)، ومسلم (٢٧٣١) (٨٤ و ٨٥).

* * *

ــ

قلت: هذا الحديث يعارضه قوله في حديث أبي هريرة المتقدِّم في فضل التهليل: ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به، إلا أحد عمل أكثر من ذلك. وقوله: أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله (١). وقد تقدَّم في حديث سمرة بن جندب قوله صلى الله عليه وسلم: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت (٢) فقد مضى هذا الحديث بأن الأربعة متساوية في الأفضلية والأحبية من غير مراعاة تقديم بعضها على بعض، ولا تأخيره، وأن التسبيح وحده لا ينفرد بالأفضلية، ولا التهليل وحده أيضًا ينفرد بها. وإذا ثبت ذلك فحيث أطلق أن أحد هذه الأذكار الأربعة أفضل الكلام أو أحبه، إنما يراد إذا انضمت إلى أخواتها الثلاث المذكورة في هذا الحديث. إما مجموعة في اللفظ، أو في القلب بالذكر؛ لأنَّ اللفظ إذا دل على واحد منهما بالمطابقة دل على سائرها باللزوم. وبيان ذلك: أن معنى سبحان الله: البراءة له من كل النقائص، والتنزيه عما لا يليق بجلاله، ومن جملتها تنزيهه عن الشركاء والأنداد، وهذا معنى لا إله إلا الله. هذا مدلول اللفظ من جهة مطابقته، ولما وجب تنزيهه عن صفات النقص لزم اتصافه بصفات الكمال؛ إذ لا واسطة بينهما، وهي المعبر عنها بالحمد لله. ثم لما تنزه عن صفات النقص واتصف بصفات الكمال، وجبت له العظمة والجلال،


(١) رواه مالك في الموطأ (١/ ٢١٤ و ٢١٥)، والترمذي (٣٥٧٩).
(٢) رواه أحمد (٥/ ١١)، وابن ماجه (٣٨١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>