للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٦٦١] وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل.

رواه مسلم (٢٧٣٢) (٨٦).

* * *

ــ

ولا يوضع الشكر موضع الحمد، وفيه دلالة على أن شكر النعمة، وإن قلت سبب نيل رضا الله تعالى، الذي هو أشرف أحوال أهل الجنة، وسيأتي قول الله عز وجل لأهل الجنة حين يقولون: أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ [فيقولون: ما هو؟ ألم تبيض وجوهنا، وتدخلنا الجنة، وتزحزحنا عن النار؟ ] (١)، فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدا (٢). وإنما كان الشكر سببا لذلك الإكرام العظيم؛ لأنَّه يتضمن معرفة المنعم، وانفراده بخلق تلك النعمة، وبإيصالها إلى المنعم عليه، تفضلا من المنعم وكرما ومنة، وإن المنعم عليه فقير محتاج إلى تلك النعم، ولا غنى به عنها، فقد تضمن ذلك معرفة حق الله وفضله، وحق العبد وفاقته وفقره، فجعل الله تعالى جزاء تلك المعرفة تلك الكرامة الشريفة.

و(قوله: ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل) المسلم هنا: هو الذي سلم المسلمون من لسانه ويده، الذي يحب للناس ما يحب لنفسه؛ لأنَّ هذا هو الذي يحمله حاله وشفقته على أخيه المسلم أن يدعو له بظهر الغيب، أي: في حال غيبته عنه، وإنما خص حالة الغيبة بالذكر لبعدها عن الرياء، والأغراض المفسدة أو المنقصة؛ فإنه في حال الغيبة يتمحض الإخلاص، ويصح قصد وجه الله تعالى بذلك، فيوافقه الملك في الدعاء، ويبشره على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن له مثل ما دعا به لأخيه. والأخوة هنا: هي الأخوة الدينية، وقد


(١) ما بين حاصرتين سقط من (ع) و (م ٤).
(٢) رواه البخاري (٦٥٤٩)، ومسلم (٢٨٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>