للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَثِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِندِي، وَفِي الذِّكرِ، لَصَافَحَتكُم المَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُم وَفِي طُرُقِكُم، وَلَكِن يَا حَنظَلَةُ، سَاعَةً وَسَاعَةً. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

رواه مسلم (٢٧٥٠) (١٢).

* * *

ــ

بحيث لا يغفلون، وجعل هذا العالم الإنساني متلونا، فيمكنه ويلونه، ويفنيه ويبقيه، ويشهده ويفقده، وإليه أشار صاحب الشفاعة بقوله: ولكن يا حنظلة، ساعة وساعة. وقال في حديث أبي ذر - رضي الله عنه -: وعلى العاقل أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفكر فيها في صنع الله، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب (١). هكذا الكمال، وما عداه ترهات وخيال.

و(قوله: لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة) هكذا صحت الرواية بالواو العاطفة للطرف الثاني على الأول، ويفيد أنه وقف مصافحة الملائكة على حصول حالتين لنا: على حال مشاهدة الجنة والنار مع ذكر الله تعالى ودوام ذلك، فيعني - والله تعالى أعلم - أن التمكن: إنما هو أن يشاهد الأمور كلها بالله تعالى، فإذا شاهد الجنة مثلا لم يحجبه ما يشاهد من نعيمها وحسنها من رؤية الله تعالى؛ بل: لا يلتفت إليها من حيث هي جنة؛ بل: من حيث هي أنها محل القرب من الله تعالى، ومحل رؤيته، ومشاهدته، فيكون فرقه في جمعه، وعطاؤه في منعه، ومن كان كذلك ناسب الملائكة في معرفتها، فبادرت إلى إكرامه ومشافهته، وإعظامه ومصافحته. والمسؤول من الكريم المتعال أن يمنحنا من صفاء هذه الأحوال.

* * *


(١) رواه أبو نعيم في الحلية (١/ ١٦٦ - ١٦٨)، وابن حبان (٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>