رواه أحمد (١/ ١٧٤)، والبخاريُّ (٥٤١٢)، ومسلم (٢٩٦٦)، والترمذيُّ (٢٣٦٦)، وابن ماجه (١٣١).
* * *
ــ
السمر شبه اللوبياء، ورواية البخاري: أحسنها؛ لأنَّه بين فيها أنهم يأكلون ثمر العضاه، وورق الشجر السمر.
و(قوله: ثم أصبحت بنو أسد تعزرني على الدين) هو بالزاي أولى، وبالراء ثانية، من التعزير، واختلف في معناه هنا، فقال الهروي: معناه: توقفني عليه، والتعزير: التوقيف على الأحكام والفرائض. وقال الطبري: أي: تقومني وتعلمني، ومنه تعزير السلطان؛ أي: تقويمه بالتأديب، وقال الحربي: التعزير بمعنى اللوم والعتب.
قلت: هذه أقوال الشارحين لهذه الكلمة، وفيها كلها بعد عن معنى الحديث، والذي يظهر لي: أن الأليق بمعناه: أن التعزير معناه الإعظام والإكبار، كما قال تعالى:{وَتُعَزِّرُوهُ} أي: تعظموه وتبروه، فيكون معناه على هذا: أنه وصف ما كانت حالتهم عليه في أول أمرهم من شدة الحال، وصعوبة العيش، والجهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم اتسعت عليهم الدنيا، وفتحت عليهم الفتوحات، وولوا الولايات، فعظمهم الناس لشهرة فضلهم ودينهم، وكأنه كره تعظيم الناس له، وخص بني أسد بالذكر؛ لأنهم أفرطوا في تعظيمه، والله تعالى أعلم.
وهذا الذي ذكرناه هو الذي صرح به عتبة بن غزوان في الحديث الآتي بعد هذا، حيث قال: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة، وما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا، فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك، فاتزرت بنصفها، واتزر سعد بنصفها، فما أصبح منا اليوم أحد إلا أصبح أميرا على