للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قدماه، فقيل له: أتكلف هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟

رواه البخاري (١١٣٠)، ومسلم (٢٨١٩)، والترمذيُّ (٤١٢)، والنسائي (٣/ ٢١٩)، وابن ماجه (١٤١٩).

[٢٧١٤] وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها كانت تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سددوا وقاربوا، وأبشروا، فإنه لن يدخل الجنة أحدا عمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله

ــ

و(قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم: أتكلف هذا؟ ) أي: أتتكلف فعله وتتحمل مشقته؟ وهذا أخرجه منهم ظن أنه إنما يعبد الله تعالى خوفا من الذنوب وطلبا للمغفرة وهو الشكر على مغفرته للذنوب، وإيصاله نعمه لمن لا يستحق عليه منها شيئا، فيتعين الشكر على ذلك، ثم الشكر قد قلنا: إنه اعتراف بالنعمة وقيام بالخدمة، فمن كثر عنه ذلك وتكرر سمي الشكور، ولذلك قال الحليم الغفور: {وَقَلِيلٌ مِن عِبَادِيَ الشَّكُورُ}

و(قوله: سددوا وقاربوا وأبشروا) أي سددوا في الأعمال؛ أي: اعملوها مسددة لا غلو فيها ولا تقصير، وقاربوا في أزمانها بحيث لا يكون فيها قصر، ولا تطويل، وأبشروا على ذلك بالثواب الكثير والخير الجزيل.

و(قوله: فإنه لن يُدخِل الجنة أحدا عملُه) أي: إن أعمال العباد الصالحة ليست مما تقتضي دخول الجنة؛ إذ ليست في أنفسها على صفات تقتضي ذلك، ولا يستحق المكلف على الله تعالى بسببها شيئا؛ إذ لا منفعة له فيها ولا غرض؛ فإنه الغني بذاته، الذي لا يُستغنى عنه. وكأن هذا نص في الرد على أهل البدع والمعتزلة في قولهم في قاعدتي التحسين والتقبيح والاستحقاق العقليين.

و(قولهم: ولا أنت؟ ) كأنهم وقع لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لعظيم معرفته بالله،

<<  <  ج: ص:  >  >>