و(قوله: عن عمره فيم أفناه؟ وعن جسده فيم أبلاه؟ وعن علمه ما عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ ) ظاهره: أنه يُسأل عن هذه الأربع مجملة كما نطق بها، وليس كذلك، بل يسأل عن آحاد كل نوع منها، فيسأل عن أزمانه من وقت تكليفه زمانا زمانا، وعما عمل، عملا عملا، وعن معلوماته، وما عمل بها واحدا واحدا، وهكذا في سائرها تعيينا، وتعديدا وتفصيلا. والدليل على ذلك قوله تعالى:{فَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ * وَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} وقالوا: {يَا وَيلَتَنَا مَالِ هَذَا الكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحصَاهَا} وقوله: {وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسطَ لِيَومِ القِيَامَةِ فَلا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًا وَإِن كَانَ مِثقَالَ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ أَتَينَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}
ومثل هذا كثير في الشريعة، ومن تصفح ذلك حصل على العلم القطعي واليقين الضروري من ذلك.
و(قوله: يدنى المؤمن من ربه يوم القيامة) هذا إدناء تقريب وإكرام، لا إدناء مسافة ومكان، ويحتمل أن يكون من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، كما قال:{وَاسأَلِ القَريَةَ} أي: أهلها.