فينظرون، فيقولون: نعم، هذا الموت، قال: ويقال: يا أهل النار هل تعرفون هذا؟ قال: فيشرئبون وينظرون فيقولون: نعم، هذا الموت. قال: فيؤمر به فيذبح، قال: ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:{وَأَنذِرهُم يَومَ الحَسرَةِ إِذ قُضِيَ الأَمرُ وَهُم فِي غَفلَةٍ وَهُم لا يُؤمِنُونَ} وأشار بيده إلى الدنيا.
رواه مسلم (٢٨٤٩)(٤٠ و ٤١).
* * *
ــ
الجنة وأهل النار وعرفوه، فعل الله فيه فعلا يشبه الذبح، أعدمه عند ذلك الفعل حتى يأمنه أهل الجنة، فيزدادوا سرورا إلى سرورهم، وييأس منه أهل النار فيزدادوا حزنا إلى حزنهم، وعلى هذا يدلّ باقي الحديث، ولا إحالة في شيء من ذلك ولا بعد.
والوجه الثاني: أن المراد بالحديث تمثيل عدم الموت على جهة التشبيه والاستعارة، ووجهه: أن الموت لما عدم في حق هؤلاء صار بمثابة الكبش الذي يذبح فينعدم، فعبر عنه بذلك، وهذا فيه بُعد وتحميل للكلام على ما لا يصلح له، والوجه المعني: الأول. والله أعلم.
ويشرئبون: يرفعون رؤوسهم ويتشوفون ليبصروا ما عرض عليهم.
و(قوله:{وَأَنذِرهُم يَومَ الحَسرَةِ إِذ قُضِيَ الأَمرُ}، ومعنى أنذرهم: أعلمهم وحذرهم، والنذارة: إعلام بالشر، والبشارة: إعلام بالخير، ويوم الحسرة: يعني به زمن ذبح الموت إذا سمعوا: خلود فلا موت. وقضي: بمعنى أحكم وتمم. والأمر: يعني به خلود أهل النار فيها.
و(قوله:{وَهُم فِي غَفلَةٍ وَهُم لا يُؤمِنُونَ} استئناف خبر عما كانوا عليه في الدنيا، لا تعلق له بما قبله، يدلّ عليه قوله في الحديث: وأشار بيده إلى الدنيا، يعني أنهم كانوا كذلك في الدنيا، والله تعالى أعلم.