قالت: فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث.
رواه أحمد (٧/ ٤٢٨)، والبخاري (٣٣٤٦)، ومسلم (٢٨٨٠)(٢)، والترمذي (٢١٨٧)، وابن ماجه (٣٩٥٣).
ــ
ويتحصن الناس بالحصون، فيرمون إلى السماء، فيرد إليهم السهم ملطخا بالدم، ثم يهلكهم الله بالنغف في رقابهم، يعني: الدود.
قلت: وسيأتي من أخبارهم الصحيحة ما يشهد بالصحة لأكثر هذين الحديثين.
و(قوله: مثل هذه - وحلق بأصبعيه: الإبهام والتي تليها -) هذا إخبار وتفسير من الصحابة التي شاهدت إشارة النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن الرواة بعدهم عبروا عن ذلك باصطلاح الحساب، فقال بعضهم: وعقد سفيان بيده عشرة، وقال بعضهم: وعقد وهيب بيده تسعين، وهذا تقريب في العبارة. والحاصل: أن الذي فتحوا من السد قليل، وهم مع ذلك لم يلهمهم الله أن يقولوا: غدا نفتحه إن شاء الله تعالى، فإذا قالوها خرجوا، والله أعلم.
و(قوله: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث) رويناه بفتح الباء وهو اسم للزنى. قال القاضي: العرب تسمي الزنى خبثا وخبيثة، ومنه في المُخدج: أنه وجد مع أمة يخبث بها (١)، أي: يزني بها، وهو أحد التأويلين في قوله تعالى:{الخَبِيثَاتُ لِلخَبِيثِينَ} وقيل: هو الفسوق والفجور، ويروى: الخَبث، بسكون الباء، وهو مصدر، يقال: خبث الرجل خبثا، فهو