وفي رواية: قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلا قد سألته، إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة.
رواه أحمد (٥/ ٣٨٥)، والبخاريّ (٦٦٠٤)، ومسلم (٢٨٩١)(٢٣ و ٢٤).
ــ
الشمس، كما في حديث أبي زيد. واقتصر أبو سعيد في الذكر على ما بعد العصر، وفيه بعد، وعلى كل تقدير فعمومات هذه الأحاديث يراد بها الخصوص؛ إذ لا يمكن أن يحدث في يوم واحد، بل ولا في أيام، ولا في أعوام بجميع ما يحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم تفصيلا، وإنما مقصود هذه العمومات الإخبار عن رؤوس الفتن والمحن ورؤسائها، كما قال حذيفة بعد هذا حين قال: لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن: منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئا، ومنهن كرياح الصيف، منها صغار ومنها كبار.
قلت: على أني أقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كأن الله تعالى قد أعلمه بتفاصيل ما يجري بعده لأهل بيته وأصحابه، وبأعيان المنافقين، وبتفاصيل ما يقع في أمته من كبار الفتن، وصغارها، وأعيان أصحابها وأسمائهم، وأنه بث الكثير من ذلك عند من يصلح لذلك من أصحابه كحذيفة - رضي الله عنه - قال: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدا، إلا قد سماه لنا باسمه، واسم أبيه، وقبيلته (١). خرجه أبو داود، وبهذا يعلم أن أصحابه كان عندهم من علم الكوائن الحادثة إلى يوم القيامة العلم الكثير والحظ الوافر، لكن لم يشيعوها إذ ليست من أحاديث الأحكام، وما كان فيها شيء من ذلك حدثوا به، ونقضوا عن عهدته. ولحذيفة في هذا الباب زيادة مزية، وخصوصية لم تكن لغيره منهم؛ لأنَّه كان كثير السؤال عن هذا الباب، كما دلت عليه أحاديثه، وكما دل عليه