وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة
ــ
قلت: ويؤيد هذا قوله تعالى في الآية: {رَبَّنَا اكشِف عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤمِنُونَ} وقوله: {إِنَّا كَاشِفُو العَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُم عَائِدُونَ} وهذا يبعد قول من قال: إنه الدخان الذي يعذب به الكفار يوم القيامة، وهو مروي عن زيد بن علي، وسيأتي القول في حديث ابن مسعود في التفسير. وأما الدابة فهي التي قال الله فيها:{وَإِذَا وَقَعَ القَولُ عَلَيهِم أَخرَجنَا لَهُم دَابَّةً مِنَ الأَرضِ تُكَلِّمُهُم} ذكر أهل التفسير أنها خلق عظيم تخرج من صدع من الصفا لا يفوتها أحد، تسم المؤمن فينير وجهه، ويُكتب بين عينيه مؤمن، وتسم الكافر فيسود وجهه ويكتب بين عينيه كافر. وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن هذه الدابة هي الجساسة المذكورة في الحديث بعد هذا، وعن ابن عباس: أنها الثعبان الذي كان ببئر الكعبة، فاختطفته العقاب (١)، وقد اختلف في صورتها، وفي أي موضع تخرج منه على أقوال كثيرة، وليس في شيء من ذلك خبر صحيح مرفوع. قال بعض المتأخرين من المفسرين: الأقرب أن تكون هذه الدابة إنسانا متكلما يناظر أهل البدع والكفر، ويجادلهم لينقطعوا، فيهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.
قلت: وإنما كان هذا عند هذا القائل الأقرب لقوله تعالى: {تُكَلِّمُهُم} وعلى هذا فلا يكون في هذه الدابة آية خاصة خارقة للعادة، ولا تكون من جملة العشر الآيات المذكورة في الحديث؛ لأنَّ وجود المناظرين والمحتجين على أهل البدع كثير. فلا آية خاصة، فلا ينبغي أن تذكر مع العشر وترتفع خصوصية وجودها، فإذا وقع القول ثمَّ: فيه العدول عن تسمية هذا الإنسان المناظر الفاضل العالم الذي يحتج على أهل الأرض باسم الإنسان، أو بالعالم، أو بالإمام، إلى أن يسمى بدابة، وهذا خروج عن عادة الفصحاء، وعن تعظيم العلماء، وليس ذلك
(١) انظر قول ابن عباس هذا في سيرة ابن هشام في حديث بنيان الكعبة.