ومنها: أن ظاهر قولها: أنه قتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد، في أوله. وقد اختلف في وقت وفاته، فقيل: مع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - باليمن إثر طلاقها، ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر. وقيل: بل عاش إلى أيام عمر، وذكرت له معه قصة في شأن خالد بن الوليد، ذكر ذلك البخاري في التاريخ، وقد تقدَّم قول القاضي أبي الفضل: ولعل قولها: أصيب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير القتل، إما بجرح، أو بشيء آخر، والله تعالى أعلم.
ومنها: أنها قالت: فلما كلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: أمري بيدك، فأنكحني من شئت، فقال: انتقلي إلى أم شريك فظاهر هذا أنَّه أمرها بالانتقال إلى أم شريك، ثم إلى ابن أم مكتوم، إنما كان بعد انقضاء عدتها، وبعد أن خطبت، وفوضت أمرها للنبي صلى الله عليه وسلم، وليس الأمر كذلك، وإنما كان ذلك في حال عدتها لما خافت عورة منزلها، على المشهور، أو لأنها كانت تؤذي أحماءها، على ما قاله سعيد بن المسيب، كما تقدَّم.
ومنها: أنها نسبت أم شريك إلى الأنصار، وليس بصحيح، وإنما هي قرشية من بني عامر بن لؤي، واسمها غزية، كذا وجدته مقيدا في أصل يعتمد عليه، وكنيت بابنها شريك، وقيل: اسمها: غُزَيلة، حكى هذا كله أبو عمر.
ومنها: قوله: ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو بن أم مكتوم، وهو رجل من فهر، فهر قريش، وهو من البطن الذي هي منه. قال القاضي أبو الفضل: والمعروف خلاف هذا، وليس بابن عمها، بل هي من محارب بن فهر، وهو من بني عامر بن لؤي، وليسا من بطن واحد، واختلف في اسم ابن أم مكتوم، والصحيح: عبد الله.
و(قولها: فلما تأيمت خطبني عبد الرحمن بن عوف في نفر) أي: فلما انقضت عدتها وحلت للأزواج، وقد تقدم أن الأيم هي التي لا زوج لها.