للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بِهِم المَوجُ شَهرًا فِي البَحرِ ثُمَّ أَرفَؤُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي البَحرِ، حَتَّى مَغرِبِ الشَّمسِ فَجَلَسُوا فِي أَقرُب السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الجَزِيرَةَ فَلَقِيَتهُم دَابَّةٌ أَهلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يَدرُونَ مَا قُبُلُهُ مِن دُبُرِهِ مِن كَثرَةِ الشَّعَرِ، فَقَالُوا: وَيلَكِ مَا أَنتِ؟ قَالَت: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قَالُوا: وَمَا الجَسَّاسَةُ؟ قَالَت: أَيُّهَا القَومُ انطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيرِ؛ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُم بِالأَشوَاقِ، فلَمَّا سَمَّت لَنَا رَجُلًا فَرِقنَا مِنهَا أَن تَكُونَ شَيطَانَةً، قَالَ: فَانطَلَقنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلنَا الدَّيرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعظَمُ إِنسَانٍ رَأَينَاهُ قَطُّ خَلقًا، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ مَا بَينَ رُكبَتَيهِ إِلَى كَعبَيهِ بِالحَدِيدِ، قُلنَا: وَيلَكَ مَا أَنتَ؟ قَالَ: قَد قَدَرتُم عَلَى خَبَرِي فَأَخبِرُونِي مَا أَنتُم؟ قَالُوا: نَحنُ أُنَاسٌ مِن العَرَبِ رَكِبنَا فِي سَفِينَةٍ بَحرِيَّةٍ فَصَادَفنَا البَحرَ حِينَ اغتَلَمَ، فَلَعِبَ بِنَا

ــ

و(قوله: ثم أرفؤوا إلى جزيرة في البحر) أي: لجؤوا إليها، ومرفأ السفينة: حيث ترسي. يقال: أرفأت السفينة: إذا قربتها من الشط، وذلك الموضع مرفأ، وأرفأت إليه: لجأت إليه.

و(قوله: فجلسوا في أقرب السفينة) كذا الرواية المشهورة. قال الإمام: هي القوارب الصغار يتصرف بها ركاب السفينة، والواحد قارب، جاء هاهنا على غير قياس. وأنكر غيره هذا، وقال: لا يجمع فاعل على أفعل. قال: وإنما يقال: الأقرب فيها: أقربات السفينة وأدانيها؛ كأنه ما قرب منها النزول، أو كأنه من القرب الذي هو الخاصرة، ويؤيده أن ابن ماهان روى هذا الحرف فقال: في أخريات السفينة، وفي بعضها: في آخر السفينة.

قلت: ويشهد لما قاله الإمام ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه: فقعدوا في قوارب السفينة (١) وهذا الجمع هو قياس قارب، ويقال بفتح الراء وكسرها.


(١) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٩٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>