[٢٨٤٣] وعن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العبادة في الهرج كهجرة إلي.
رواه أحمد (٥/ ٢٥)، ومسلم (٢٩٤٨)، والترمذيُّ (٢٢٠١)، وابن ماجه (٣٩٨٥).
* * *
ــ
و(قوله: وأمر العامة) يعني: الاشتغال بهم فيما لا يتوجه على الإنسان فرضه؛ فإنَّهم يفسدون من يقصد إصلاحهم، ويهلكون من يريد حياتهم، لا سيما في مثل هذه الأزمان التي قد مرجت فيها عهودهم وخانت أماناتهم، وغلبت عليهم الجهالات والأهواء، وأعانهم الظلمة والسفهاء، وعلى هذا فعلى العامل بخويصة نفسه، والإعراض عن أبناء جنسه إلى حلول رمسه، أعاننا الله على ذلك بفضله وكرمه. وقد جاءت هذه الستة في إحدى الروايتين معطوفة بـ (أو) فيجوز أن تكون للتنويع، أي: اتقوا أن يصيبكم أحد هذه الأنواع، ويصح أن تكون بمعنى الواو، كما جاء في الرواية الأخرى.
و(قوله: العبادة في الهرج كهجرة إلي) قد تقدَّم أن الهرج: الاختلاط والارتباك، ويراد به هنا الفتن والقتل، واختلاط الناس بعضهم في بعض، فالمتمسك بالعبادة في ذلك الوقت، والمنقطع إليها المعتزل عن الناس، أجره كأجر المهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه يناسبه من حيث أن المهاجر قد فر بدينه عمن يصده عنه إلى الاعتصام بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك هو المنقطع للعبادة، فر من الناس بدينه إلى الاعتصام بعبادة ربه، فهو على التحقيق قد هاجر إلى ربه، وفر من جميع خلقه.