للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٨٧٢] وعَن أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَومًا: أَتَدرُونَ أَينَ

ــ

جواهر الأرض، وكل شيء يحصل به صلاح فهو تِقن، ومنه إتقان الشيء وإحكامه.

و(قوله والنور يوم الأربعاء)، كذا الرواية الصحيحة المشهورة، وقد وقع في بعض نسخ مسلم النون بالنون - يعني به الحوت، وكذا جاء في كتاب ثابت في الأم، وفي رواية أخرى البحور مكان النور.

قلت: وهذه الرواية ليست بشيء؛ لأنَّ الأرض خُلقت بعد الماء وعلى الماء، كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرشُهُ عَلَى المَاءِ}؛ أي: قبل خلق السماوات والأرض. إلا إن أراد بالبحور الأنهار التي خلق الله تعالى في الأرض فله وجه، والصحيح رواية النور، ويعني به الأجسام النيرة كالشمس والقمر والكواكب، ويتضمن هذا أنه تعالى خلق السماوات يوم الأربعاء؛ لأنَّ هذه الكواكب في السماوات، ونورها: ضوؤها الذي بين السماء والأرض، والله تعالى أعلم.

وتحقيق هذا أنه لم يذكر في هذا الحديث نصا على خلق السماوات، مع أنه ذكر فيه أيام الأسبوع كلها، وذكر ما خلق الله تعالى فيها، فلو خلق السماوات في يوم زائد على أيام الأسبوع لكان خلق السماوات والأرض في ثمانية أيام، وذلك خلاف المنصوص عليه في القرآن، ولا صائر إليه. وقد روي هذا الحديث في غير كتاب مسلم بروايات مختلفة مضطربة، وفي بعضها أنه خلق الأرض يوم الأحد والاثنين، والجبال يوم الثلاثاء، والشجر والأنهار والعمران يوم الأربعاء، والسماوات والشمس والقمر والنجوم والملائكة يوم الخميس، وآدم يوم الجمعة. فهذه أخبار آحاد مضطربة فيما لا يقتضي عملا، فلا يُعتمد على ما تضمنته من ترتيب المخلوقات في تلك الأيام، والذي يعتمد عليه في ذلك قوله تعالى: {قُل أَإِنَّكُم لَتَكفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرضَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>