للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالَت: فَبَكَيتُ تِلكَ اللَّيلَةَ حَتَّى أَصبَحتُ لَا يَرقَأُ لِي دَمعٌ وَلَا أَكتَحِلُ بِنَومٍ، ثُمَّ أَصبَحتُ أَبكِي، وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بنَ زَيدٍ حِينَ استَلبَثَ الوَحيُ يَستَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهلِهِ. قَالَت: فَأَمَّا أُسَامَةُ بنُ زَيدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَعلَمُ مِن بَرَاءَةِ أَهلِهِ وَبِالَّذِي يَعلَمُ فِي نَفسِهِ لَهُم مِن الوُدِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُم أَهلُكَ، وَلَا نَعلَمُ إِلَّا خَيرًا. وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: لَم يُضَيِّق اللَّهُ عَلَيكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَإِن تَسأَل الجَارِيَةَ تَصدُقكَ. قَالَت: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ فَقَالَ: أَي بَرِيرَةُ، هَل رَأَيتِ مِن شَيءٍ يَرِيبُكِ مِن عَائِشَةَ؟ قَالَت لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِن رَأَيتُ عَلَيهَا أَمرًا قَطُّ أَغمِصُهُ عَلَيهَا أَكثَرَ مِن أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَن عَجِينِ أَهلِهَا

ــ

و(قولها لا يرقأ لي دمع)؛ أي: لا ينقطع، وهو مهموز. يقال: رقأ الدم يرقأ إذا انقطع، ومنه قولهم: لا تسبوا الإبل، فإنَّ فيها رَقوء الدم (١) بفتح الراء والهمز. واستلبث الوحي؛ أي استبطأه، فيكون الوحي منصوبا على المفعول، ويصح رفعه على أن يكون استلبث بمعنى لبث، كما قال استجاب بمعنى أجاب، وهو كثير.

و(قولها أهلك، ولا نعلم إلا خيرا) منصوب على أنه مفعول بفعل مضمر؛ أي: أمسك أهلك، أو الزم. هكذا وقع في نسخة بالنصب، وفي رواية: هم أهلك - على الابتداء والخبر؛ أي: العفائف واللائقات بك. وأغمصه: أعيبه، من الغمص وهو العيب. والداجن: الشاة المقيمة في البيت، ويقال على الحمام أيضًا. ودجن: إذا أقام.


(١) ذكره ابن الأثير في النهاية (٢/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>