و(قول زينب أحمي سمعي وبصري)؛ أي: أمنعهما من عقوبة الله تعالى بالكف عن قول سمعت أو رأيت. أي: لم أر ولم أسمع، وما علمت إلا خيرا، فعصمها الله من الهلاك بما رزقها من التثبت والدين والورع، مع أن اكانت تناصبها وتنافسها في المرتبة، فكان كما قال من لا يجوز عليه الخطأ ولا الكذب:{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجًا * وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ}
و(قولها وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها، فهلكت فيمن هلك)؛ أي: حُدت حد القذف فيمن حد.
و(قوله أسقطوا لها به)، كذا عند الجلودي؛ أي: كلموها بسقط من القول. يقال: أسقط الرجل إذا قال كلاما رديئا سقط فيه. وعلى هذا فيكون الضمير في به عائدا على القول، أي: أسقطوا لها بالقول. وقيل: معناه صرحوا لها بالفحش، ولذلك لما سمعته بريرة أعظمت ذلك وأنكرته، وقالت: سبحان الله! والله ما علمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر. وقد وقعت هذه الكلمة التي هي سبحان الله في هذا الحديث على نحو ما جاءت في قوله:{سُبحَانَكَ هَذَا بُهتَانٌ عَظِيمٌ}، والمقصود بذكرها في هذه المواضع إعظام نسبة السوء إلى عائشة -رضي الله عنها - وتحقيق براءتها، وكأن المتكلم بها يريد أن يقول: التنزيه والبراءة لله من أن يجري ذلك على مثل عائشة وأن يوقعه في الوجود، والله تعالى أعلم.