للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِهِ: مِسطَحٌ، وَحَمنَةُ، وَحَسَّانُ. وَأَمَّا المُنَافِقُ عَبدُ

ــ

و(قوله وكان الذين تكلموا به: مسطح (١)، وحمنة، وحسان)، وقد ذكرنا الخلاف في حسان في باب فضائله؛ هل صرح بالقذف أم لا؟ وهل حُد أم لا؟ والصحيح أنه حُد بما رواه أبو داود عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لما نزل عذري قام النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك وتلا القرآن، فلما نزل أمر بالرجلين والمرأة فضُربوا حدهم، وسمّاهم: حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش (٢). وفي كتاب الطحاوي: ثمانين ثمانين. وأما حمنة ومسطح فحُدا، ولم يُسمع بحد لعبد الله بن أُبي، والظاهر من الأخبار والأحاديث أنه لم يحد، وإنما لم يحد عدو الله لأنَّ الله قد أعد له في الآخرة عذابا عظيما؛ لكان نقصا من عذابه في الأخرى وتخفيفا عنه، وقد أشار الله تعالى إلى هذا بقوله: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبرَهُ مِنهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} مع أن الله تعالى قد شهد ببراءة عائشة - رضي الله عنها - وبكذب كل من رماها، فقد حصلت فائدة الحد؛ إذ مقصوده إظهار كذب القاذف وبراءة المقذوف، كما قال تعالى: {فَإِذ لَم يَأتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الكَاذِبُونَ} وإنما حُد هؤلاء المسلمون ليكفر عنهم إثم ما صدر عنهم من القذف حتى لا يبقى عليهم تبعة من ذلك في الآخرة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحدود: إنها كفارة لمن أقيمت عليه - كما تقدم في حديث عبادة بن الصامت. ويحتمل أن يقال: إنما ترك حد ابن أبي استئلافا لقومه واحتراما لابنه، وإطفاء لثائرة الفتنة المتوقعة من ذلك، وقد كانت ظهرت مباديها من سعد بن عبادة ومن قومه كما تقدَّم.

ومعنى يستوشيه: يطلبه ويبحث عنه ويشنعه. يقال: فلان يستوشي فرسه يعقبه؛ أي: يطلب ما عنده من الجري ويستخرجه.

وحديث الإفك هذا فيه أحكام كثيرة لو تُتُبعت لطال الأمر وأفضى إلى الملال، ومن تفقدها من أهل الفطنة وجدها.


(١) جاءت هذه اللفظة في جميع نسخ المفهم بالنصب، بينما جاءت في التلخيص بالرفع.
(٢) رواه أبو داود (٤٤٧٤)، والترمذي (٣١٨٠)، وابن ماجه (٢٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>