رواه أحمد (١/ ٢٨١)، والبخاريّ (٤٩٧١)، ومسلم (٢٠٨)(٣٥٥)، والترمذي (٣٣٦٣).
* * *
ــ
الخسران، ونسب التباب لليد، والمراد صاحب اليد؛ لأنَّ اليد أصل في الأعمال. ولهب: فيها لغتان: السكون في الهاء وفتحها، واسم أبي لهب: عبد العزى، ولُقب بأبي لهب لإشراق وجنتيه، كأنهما كانتا تلتهبان نارا.
قلت: وأولى من ذلك كله أن الله تعالى أجرى عليه هذا اللقب لعلمه بمآل أمره، وأنه من أهل النار، كما أجرى على أبي جهل لقب الجهل، وسلبه أبا الحكم، وحُكي في قول مصيب: لكل امرئ من اسمه نصيب، ألا يقتضي العجب من قوله:{سَيَصلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}
و(قوله: وَتَبَّ) معطوف على الأول، وكلاهما بمعنى الدعاء، وقيل: الأول: دعاء، والثاني: إخبار بإجابة الدعاء فيه، ويؤيده قراءة ابن مسعود، وابن عباس - رضي الله عنهم -: (وقد تب)، وقيل: كلاهما خبر، فالأول: خسرت يداه، مراده من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان مراده قتله، وإخفاء كلمته. وتب هو: بما أصابه من العذاب، وقيل: تب في نفسه، وتب في ولده وكسبه؛ إذ لم يغنيا عنه شيئًا، ولا جرّا له نفعا.
و(قوله: {حَمَّالَةَ الحَطَبِ}) الجمهور: على رفع (حمالة) على الصفة أو البدل، أو على أنه خبر ابتداء محذوف، وقرأه عاصم بالنصب على الذم، ويجوز أن يكون حالا، وسميت بذلك لأنَّها كانت تُلقي الشوك في طريق النبي صلى الله عليه وسلم لتؤذيه، قاله الضحاك. وقيل؛ لأنَّها كانت نقالة للحديث نمامة، فكانت تشعل نار العداوة، كما تشعل النار في الحطب. قال الشاعر:
إن بني الأدرم حمالو الحطب ... هم الوشاة في الرضا وفي الغضب