للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِأَنفَاسِهِم حَتَّى يَأخُذَهُم مِنهُ كَهَيئَةِ الزُّكَامِ، فَقَالَ عَبدُ اللَّهِ: مَن عَلِمَ عِلمًا فَليَقُل بِهِ وَمَن لَم يَعلَم فَليَقُل اللَّهُ أَعلَمُ، فَإِنَّ مِن فِقهِ الرَّجُلِ أَن يَقُولَ لِمَا لَا عِلمَ لَهُ بِهِ: اللَّهُ أَعلَمُ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا أَنَّ قُرَيشًا لَمَّا استَعصَت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَيهِم بِسِنِينَ كَسني يُوسُفَ، فَأَصَابَهُم قَحطٌ وَجَهدٌ حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى بَينَهُ وَبَينَهَا كَهَيئَةِ الدُّخَانِ مِن الجَهدِ، وَحَتَّى أَكَلُوا العِظَامَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ - في رواية: أبو سفيان، فقال: يا محمد إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم - وفي الرواية الأولى: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ استَغفِر اللَّهَ لِمُضَرَ؛ فَإِنَّهُم قَد هَلَكُوا، فَقَالَ: لِمُضَرَ؟ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ، قَالَ: فَدَعَا اللَّهَ لَهُم فَأَنزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا كَاشِفُو العَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُم عَائِدُونَ} قَالَ: فَمُطِرُوا، فَلَمَّا أَصَابَتهُم الرَّفَاهِيَةُ قَالَ: عَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيهِ، قَالَ: فَأَنزَلَ اللَّهُ

ــ

و(قوله: حتى جعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينها وبينه كهيئة الدخان من الجهد) لا شك في أن تسمية هذا دخانا تجَوُّز، وحقيقة الدخان ما ذكر في حديث أبي سعيد، والذي حمل عبد الله بن مسعود على هذا الإنكار قوله: {رَبَّنَا اكشِف عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤمِنُونَ} وقوله: {إِنَّا كَاشِفُو العَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُم عَائِدُونَ} ولذلك قال: أفيكشف عذاب الآخرة؟ وهذا لا دليل فيه على نفي ما قاله ذلك القائل؛ لأنَّ حديث أبي سعيد إنما دل على أن ذلك الدخان يكون من أشراط الساعة قبل أن تقوم القيامة، فيجوز انكشافه كما تنكشف فتن الدجال ويأجوج ومأجوج، وأما الذي لا ينكشف فعذاب الكافر بعد الموت، فلا معارضة بين الآية والحديث، والشأن في صحة الحديث.

و(قوله: استغفر الله لمضر) كذا صح في كتاب مسلم من الاستغفار، ووقع في كتاب البخاري: استسق الله لمضر، من الاستسقاء، وهو مناسب للحال التي

<<  <  ج: ص:  >  >>