للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ. حَتَّى إِذَا لَم يَبقَ إِلا مَن كَانَ يَعبُدُ اللهَ مِن بَرٍّ وَفَاجِرٍ، أَتَاهُم رَبُّ العَالَمِينَ فِي أَدنَى صُورَةٍ مِنِ الَّتِي رَأَوهُ فِيهَا. قَالَ: فَمَا تَنتَظِرُونَ؟ تَتبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَت تَعبُدُ. قَالُوا: يَا رَبَّنَا! فَارَقنَا النَّاسَ فِي الدُّنيَا أَفقَرَ مَا كُنَّا إِلَيهِم وَلَم نُصَاحِبهُم، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُم. فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنكَ.

ــ

فإن الورود إنما يقال لمن قصد إلى الماء ليشرب. ويحشرون يساقون مجموعين.

و(قوله: حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من برّ وفاجر) يعبد الله يوحده ويتذلل له. والبر ذو البر، وهو فِعل الطاعات والخير، والفجور عكسه.

و(قوله: أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها) إتيان الله تعالى هنا هو عبارة عن إقباله عليهم وتكليمه إياهم، وأدنى بمعنى: أقرب، والصورة بمعنى: الصفة، ورأوه بمعنى (١): أبصروا غضبه.

ومعنى ذلك أنّهم لما طال عليهم قيامُهم في ذلك المقام العظيم الكرب (٢) الشديد الخوف الذي يقول فيه كل واحد من الرسل الكرام: إن ربي قد غضب غضبا لم يغضب قبله مثله، ولم يغضب بعده مثله، هالهم ذلك، وكأنهم يئسوا من انجلاء ذلك. فلمّا كشف الله عنهم ذلك، وأقبل عليهم بفضله ورحمته وكلّمهم، رأوا من صفات لطفه ومن كرمه ما هو أقرب مما رأوه أولاً من غضبه وأخذه، وإلا فهذا أول مقام كلّمهم الله فيه مشافهةً، وأرى من أراد منهم وجهَه الكريمَ، إن قلنا: إنَّ المؤمنين رأوه في هذا المقام، وقد اختلف فيه، ولم يكن تقدّم لهم قبل ذلك سماع ولا رؤية، فتعيّن ما قلناه، والله أعلم.

و(قوله: قالوا: يا ربّنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم) الصحيح


(١) ساقط من (ع).
(٢) في (ع): الكريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>