[٢٩٠٩] وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا. قالت: فغِرت عليه فرأى ما أصنع، فقال: ما لك يا عائشة أغِرت؟ فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقد جاءك شيطانك؟ قالت: يا رسول الله أومعي شيطان؟ قال: نعم، قلت: ومع كل إنسان؟ قال: نعم، قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال: نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم.
رواه أحمد (٦/ ١١٥)، ومسلم (٢٨١٥).
* * *
ــ
بضم الميم، والمعنى فأسلم أنا من شره، وكان ينكر القول الأول، ويقول: الشيطان لا يسلم.
قلت: وهذا له موقع، غير أنه يبعده قوله: فلا يأمرني إلا بخير، فحينئذ يزول عنه اسم الشيطان ويصير مسلما، ويكون هذا مؤيدا لرواية الجمهور. فالذي لأجله فر سفيان من إسلام الشيطان، يلزمه في كونه لا يأمره إلا بخير. وقد روي هذا الحديث في مسند أحمد بن حنبل بلفظ آخر، وقال: لا يأمرني إلا بخير. وأما لفظ حديث عائشة - رضي الله عنها - فهو في الوجه الأول واضح، فإنَّها قالت فيه: ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم. والظاهر منه: أن الشيطان هو الذي أسلم، مع أنه يحتمل أن يكون (حتى) بمعنى: كي، ويكون فيه راجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أي: أعانني كي أسلم منه، والله تعالى أعلم.