[٢٩١٤] وعن عائشة قالت لعروة: يا ابن أختي أُمِروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فسبّوهم. وقد تقدم.
رواه مسلم (٣٠٢٢).
* * *
ــ
معناه: تجزع من خشية الله، وقيل: الذكر هنا: القرآن، وفيه بُعد؛ لأن قوله:{وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ} هو القرآن، فيكون تكرارا.
و(قوله: {فَطَالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ}) أي: رأوا الموت بعيدا، يعني أنهم لطول أملهم لا يرون الموت يقع بهم، {فَقَسَت قُلُوبُهُم}؛ أي: جفيت وغلظت، فلم يفهموا دلالة ولا صدقوا رسالة. {وَكَثِيرٌ مِنهُم فَاسِقُونَ}؛ أي: خارجون عن مقتضى العقل من التوحيد، وعن مقتضى الرسالة من التصديق. وفائدة هذه الآية: أنه لما رسخ الإيمان في قلوبهم أرشدهم إلى الازدياد في أحوالهم، والمراقبة في أعمالهم، وحذرهم عن جفوة أهل الكتاب بأبلغ خطاب وألطف عتاب.
و(قول عائشة - رضي الله عنها -: أُمروا أن يستغفروا لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فسبوهم) أشارت عائشة - رضي الله عنها - إلى قوله:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعدِهِم يَقُولُونَ رَبَّنَا اغفِر لَنَا وَلإِخوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} فسبوهم: تريد عائشة بهذا أن التابعين حقهم الواجب عليهم أن يحبوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يعظموهم ويستغفروا لهم، وكذلك كل من يجيء بعد التابعين إلى يوم القيامة، ويحرم عليهم أن يسبوهم، أو يسبوا أحدا منهم، كما قد صرح بذلك بعض بني أمية، وإياهم عنت بقولها، ولقد أحسن مالك - رحمه الله - في فهم هذه الآية، فقال: من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا حق له في الفيء، واستدل بالآية. ووجهه: أنه رأى هذه الآية معطوفة على قوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبلِهِم} وأن هذه الآية معطوفة على قوله: {لِلفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ}