للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: لَمَّا اعتَزَلَ رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ قَالَ: دَخَلتُ المَسجِدَ فَإِذَا النَّاسُ يَنكُتُونَ بِالحَصَى وَيَقُولُونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، وَذَلِكَ قَبلَ أَن يُؤمَرَ بِالحِجَابِ، قَالَ عُمَرُ: فَقُلتُ: لَأَعلَمَنَّ ذَلِكَ اليَومَ، قَالَ: فَدَخَلتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلتُ: يَا ابنَةَ أَبِي بَكرٍ أَقَد بَلَغَ مِن شَأنِكِ أَن تُؤذِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَت: مَا لِي وَمَا لَكَ يَا ابنَ الخَطَّابِ، عَلَيكَ بِعَيبَتِكَ، قَالَ: فَدَخَلتُ عَلَى حَفصَةَ بِنتِ عُمَرَ فَقُلتُ لَهَا: يَا حَفصَةُ قَد بَلَغَ مِن شَأنِكِ أَن تُؤذِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ لَقَد عَلِمتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَا يُحِبُّكِ، وَلَولَا أَنَا لَطَلَّقَكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَبَكَت أَشَدَّ البُكَاءِ، فَقُلتُ لَهَا: أَينَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَت: هُوَ فِي خِزَانَتِهِ فِي المَشرُبَةِ، فَدَخَلتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا عَلَى أُسكُفَّةِ المَشرُبَةِ، مُدَلٍّ رِجلَيهِ عَلَى نَقِيرٍ مِن خَشَبٍ وَهُوَ جِذعٌ يَرقَى عَلَيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَيَنحَدِرُ، فَنَادَيتُ: يَا رَبَاحُ استَأذِن لِي عِندَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَى الغُرفَةِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَلَم يَقُل

ــ

(قوله: فإذا الناس ينكتون بالحصى) أي: يخُطّون بها في الأرض، فِعل المهتم بالشيء، المتفكر فيه.

و(قولها: يا ابن الخطاب عليك بعيبتك) أي: بخاصتك وأهل بيتك، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: الأنصار كرشي وعيبتي (١). وقد تقدَّم. والمشربة: الغرفة، تقال بفتح الراء وضمها، والأُسكُفّة بضم الهمزة والكاف: عتبة الباب السفلى. والنقير من الخشب، وهو الذي يُنقَر فيه مثل الدرج ليُرقى عليه.

و(قوله: يا رباح استأذن لي عندك) أي: بحضرتك وقربك، أي: لا تؤخره،


(١) رواه أحمد (٣/ ١٨٨ و ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>