للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٩٢٣] وعن علقمة، قال: سألت ابن مسعود: هَل شَهِدَ أَحَدٌ مِنكُم مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَيلَةَ الجِنِّ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيلَةٍ، فَفَقَدنَاهُ، فَالتَمَسنَاهُ فِي الأَودِيَةِ وَالشِّعَابِ، فَقُلنَا: استُطِيرَ أَو اغتِيلَ، قَالَ: فَبِتنَا بِشَرِّ لَيلَةٍ بَاتَ بِهَا قَومٌ، فَلَمَّا أَصبَحنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِن قِبَلَ حِرَاءٍ، قَالَ: فَقُلنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدنَاكَ فَطَلَبنَاكَ فَلَم نَجِدكَ، فَبِتنَا بِشَرِّ لَيلَةٍ بَاتَ بِهَا قَومٌ، فَقَالَ: أَتَانِي دَاعِي الجِنِّ فَذَهَبتُ مَعَهُ فَقَرَأتُ عَلَيهِم

ــ

فهذه قضية أخرى، وجن آخرون. والحاصل من الكتاب والسنة: العلم القطعي بأن الجن والشياطين موجودون متعبَّدون بالأحكام الشرعية على النحو الذي يليق بخلقتهم وأحوالهم، وأن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم رسول إلى الإنس والجن أجمعين، فمن دخل في دينه وآمن به، فهو من المؤمنين، ومعهم في الدنيا والآخرة. والجنة مستقر المؤمنين، ومن كذبه وصد عنه فهو الشيطان المبعد عن المؤمنين في الدنيا والآخرة، والنار مستقر الكافرين أبد الآبدين. وظاهر هذا الحديث يقتضي: أن رجم الشياطين بالنجوم إنما صدر عند بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك روى الترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما - قال: كان الجن يصعدون إلى السماء يستمعون الوحي، فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعا، فلما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم، مُنعوا مقاعدهم، فذكروا ذلك لإبليس، ولم تكن النجوم يُرمى بها قبل ذلك (١)، وذكر نحو ما تقدَّم لمسلم (٢). وقد تقدَّم في آخر كتاب الطب من حديث ابن عباس (٣) - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت يُرمى بها في الجاهلية، وقد اختلف الناس في ذلك لاختلاف هذين الحديثين، فذهبت طائفة - منهم الجاحظ - إلى أن الرجم لم يكن قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت طائفة، منهم الغزالي: كان يُرمى بها،


(١) رواه الترمذي (٣٣٢٤).
(٢) رواه مسلم (٤٤٩) (١٤٩).
(٣) رواه مسلم (٢٢٢٩) (١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>