للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو أَعلَمُ. فَقَالَ اللهُ: يَا جِبرِيلُ! اذهَب إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُل: إِنَّا سَنُرضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلا نَسُوءُكَ.

رواه مسلم (٢٠٢).

* * *

ــ

على نجاة أمته، وبحكم ما وهبه الله تعالى من رفعة مقامه على غيره، جازمًا في الدعاء مجتهدًا فيه لهم متضرعًا باكيا مُلحًّا يقول: أمتي أمتي، فعل المحب المستهتر (١) بمحبوبه، الحريص على ما يرضيه، الشفيق عليه، اللطيف به، ثم لم يزل كذلك حتى أجابه الله فيهم، وبشّره بما بشرّه من مآل حالهم، حيث قال له تعالى: إنا سنرضيك في أمتك، وهو معنى قوله تعالى: وَلَسَوفَ يُعطِيكَ رَبُّكَ فَتَرضَى (٢).

قال بعض العلماء: واللهِ ما يرضى محمد وواحد من أمته في النار. وهذا كلّه يدلّ على أنّ الله تعالى خصّ نبينا - صلى الله عليه وسلم - من كرم الخُلق، ومن طيب النفس، ومن مقام الفتوة (٣) بما لم يخص به أحدا غيره، وإليه الإشارة بقوله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ، وبقوله: لَقَد جَاءَكُم رَسُولٌ مِن أَنفُسِكُم الآية، صلى الله عليه أفضل ما صلى على أحدٍ من خليقته، وجازاه عنّا أفضل ما جازى نبيًّا عن أمته.

وأمر الله تعالى جبريل بأن يسأل نبينا عليه الصلاة والسلام عن سبب بكائه؛ ليعلم جبريل تمكن نبينا في مقام الفتوة، وغاية اعتنائه بأمته - صلى الله عليه وسلم -.


(١) "المستهتر": المولَع.
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٣) "الفتوة": حُسْن الخُلُق وبذل المعروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>