ينبغي التلبس والاتصاف به، وهي: كل ما أمر الشَّرعُ به، فهذان الصنفان عبر عن أحدهما بالطهارة على مستعمل اللغة، وهذا كما قد روي مرفُوعًا: الإيمان نصفان: نصف شكر ونصف صبر (١)، وقد قيل: إن الطهارة الشرعية لما كانت تكفر الخطايا السابقة كانت كالإيمان الذي يجبُّ ما قبله؛ فكانت شطر الإيمان بالنسبة إلى محو الخطايا، وهذا فيه بعدٌ؛ إذ الصلاة وغيرها من الأعمال الصالحة تكفر الخطايا؛ فلا يكون لخصوصية الطهارة بذلك معنًى. ثم لا يصح أيضًا معنى كون الطهارة نصف الإيمان بذلك الاعتبار؛ لأنها إنما تكون مثلاً له في التكفير، ولا يقال على المثل للشيء: شطره، وقيل: إن الإيمان هنا يراد به الصلاة، كما قال الله تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُم؛ أي: صلاتكم على قول المفسرين، ومعناه على هذا: أن الصلاة لما كانت مفتقرة إلى الطَّهارة كانت كالشطر لها، وهذا أيضًا فاسد؛ إذ لا يكون شرط الشيء شطره لا لغة ولا معنًى، فالأولى التأويل الأول، والله أعلم.
فإن قيل: كل ما ذكرتم مبني على أن المراد بالطهور: الطهارة، وذلك لا يصح؛ لأنه لم يروه أحدٌ فيما علمناه: الطُّهور، بالضم، وإنما روي بالفتح، فإذا هو الاسم على ما تقدم. قلنا: يصح أن يقال: يحمل هذا على مذهب الخليل كما تقدَّم، ويُمكن حمله على المعروف، ويراد به استعمال الطَّهور شطر الإيمان.
و(قوله: والحمد لله تملأ الميزان) قد تقدم معنى الحمد، وأنه راجعٌ إلى الثناء على مُثنى مَّا بأوصاف كماله، فإذا حمد الله حامدٌ مستحضرًا معنى الحمد في
(١) رواه الديلمي في الفردوس (٣٧٨)، والقضاعي في الشهاب (١١٢)، والبيهقي في الشعب (٩٧١٥)، وانظر: فيض القدير (٣/ ١٨٨) من حديث أنس رضي الله عنه. وفيه: عتبة بن السكن: متروك، ويزيد بن أبان: متروك أيضًا.