للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعفَاءُ اللِّحيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاستِنشَاقُ المَاءِ، وَقَصُّ الأَظفَارِ،

ــ

حسن الهيئة والنظافة، وكلاهما يحصل به البقاء على أصل كمال الخلقة (١) التي خلق الإنسان عليها، وبقاء هذه الأمور وترك إزالتها يشوه الإنسان ويقبحه، بحيث يُستقذر ويجتنب، فيخرج عما تقتضيه الفطرة الأولى، فسميت هذه الخصال: فطرة لهذا المعنى، والله أعلم.

ولا تباعُد في أن يقول: هي: عشرٌ، وهي: خمسٌ؛ لاحتمال أن يكون أعلم بالخمسِ أولاً، ثم زيد عليها، قاله عياض.

ويحتمل: أن تكون الخمس المذكورة في حديث أبي هريرة هي أوكد من غيرها، فقصدنا بالذكر هنا تنبيهًا على غيرها من خصال الفطرة.

ومن في قوله: عشر من الفطرة للتبعيض؛ ولذلك لم يذكر فيها الختان، ولعله هو الذي نسيه مصعب. وقص الشارب: أن يأخذ ما يطول عن إطار الشفة بحيث لا يشوش على الآكل، ولا يجتمع فيه الوسخ. والإحفاء والجز في الشارب: هو ذلك القص المذكور، وليس بالاستئصال عند مالك وجماعة من العلماء. وهو عنده مُثلَةٌ يؤدب من فعله؛ إذ قد وجد من يقتدى به من الناس لا يُحفون جميعه ولا يستأصلون ذلك. وروي عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا حزبه أمر فتل شاربه، ولو كان يستأصله لم يكن له ما يفتل. وذهب الكوفيون وغيرهم: إلى الاستئصال، تمسكًا بظاهر اللفظ. وذهب بعض العلماء إلى التخيير في ذلك.

وأما إعفاء اللحية: فهو توفيرها وتكثيرها. قال أبو عبيد: يقال: عفا الشيء؛ إذا كثر وزاد. وأعفيته أنا وعفا إذا درس، وهو من الأضداد. وقال غيره: يقال: عفوت الشعر وأعفيته لغتان، فلا يجوز حلقُها، ولا نتفُها، ولا قص الكثير منها. فأما أخذ ما تطاير منها، وما يُشوِّهُ ويدعو إلى الشهرة طولاً


(١) في (ع): أصل كمال الهيئة الخَلْقية.

<<  <  ج: ص:  >  >>