للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعَلَى خُفَّيهِ. ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبتُ، فَانتَهَينَا إِلَى القَومِ وَقَد قَامُوا فِي الصَّلاةِ، يُصَلِّي بِهِم عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ، وَقَد رَكَعَ بِهِم رَكعَةً. فَلَمَّا أَحَسَّ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَومَأَ إِلَيهِ، فَصَلَّى بِهِم. فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقُمتُ. فَرَكَعنَا الرَّكعَةَ الَّتِي سَبَقَتنَا.

ــ

كل العمامة. واحتج به الشافعي وأحمد بن حنبل: على جواز المسح على العمامة، وأنه يجزئ، ولا حجة لهما فيه؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - لم يقتصر عليها، بل مسح معها الناصية. واشترط بعض من أجاز المسح على العمامة أن يكون لبسها على طهارة كالخفين، وزاد بعضهم: أن تكون بحنك (١)؛ ليكون في نزعها مشقة.

وذهب مالك وجل أصحابه إلى أن الرأس على حائل لا يجوز، تمسكًا بظاهر قوله تعالى: وَامسَحُوا بِرُءُوسِكُم وهذا يقتضي المباشرة، كقوله في التيمم: فَامسَحُوا بِوُجُوهِكُم إلا أن يدعو إلى ذلك ضرورة مرض أو تخوف على النفس، فحينئذ يجوز المسح على الحائل، كالحال في الجبائر والعصائب (٢).

وحمل بعض أصحابنا هذا الحديث على أنه - عليه الصلاة والسلام - كان به مرض منعه من كشف رأسه كله، أو توقُعه توقُعًا صحيحًا، وهذه طريقة حسنةٌ، فإنه تمسك بظاهر الكتاب، وتأول هذه الواقعة المعينة، ويتأيد تأويله (٣) بأمرين:

أحدهما: أن هذه الواقعة كانت في السفر، وهو مظنّة الأعذار والأمراض.

والثاني: أنه مسح من رأسه الموضع الذي لم يؤلمه أو لم يتوقع فيه شيئًا.

ومسحه - عليه الصلاة والسلام - جميع العمامة دليلٌ لمالك: على وجوب عموم الرأس؛ إذ قد نزّل العمامة عند الضرورة منزلة الرأس، فمسح جميعها، كما فعل


(١) أي: تُدار العِمامة من تحت الحَنَك.
(٢) "العصائب": جمع عصابة، وهي: ما يعصب به الجرح.
(٣) ما بين حاصرتين سقط من (ع) واستدرك من عدّة نسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>