للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي لَفظٍ آخَر: طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُم إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلبُ، أَن يَغسِلَهُ

ــ

وحكى أبو زيد: ولغ الكلب بشرابنا، وفي شَرابِنا، ومن شَرابِنا، ويقال: ليس شيء من الطيور يلغ غير الذباب. وقد تمسك الشافعي بظاهر الأمر بالغسل والإراقة، وبقوله: طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله على أن الكلب نجس، وعلى أن ذلك الماء والإناء نجسان؛ بسبب لعابه، ومع ذلك فلا بد عنده من غسل الإناء سبعًا، وذهب أبو حنيفة إلى القول بأن ذلك للنجاسة، ويكفي غسل الماء مرة واحدة.

والمشهور من مذهب مالك: أن ذلك للتَعبُّد لا للنجاسة، وهو قول الأوزاعي وأهل الظاهر؛ بدليل دخول العدد السبع، ولو كان للنجاسة لاكتفي فيه بالمرة الواحدة؛ وبدليل جواز أكل ما صاده الكلب من غير غسل. وذهب بعض أصحابنا: إلى أن ذلك لكون الكلب مستقذرًا منهيًّا عن مخالطته، وقَصَرَ هذا الحكم على الكلب المنهي عن اتخاذه، وهذا ليس بشيء؛ لأنه استنبط من اللفظ ما خصصه من غير دليل منفصل عنه.

وذهب أبو الوليد بن رُشد: إلى أن ذلك مُعَلَّلٌ بما يتقى من أن يكون الكلب كلبًا، واستدل على هذا بأن هذا العدد السبع قد جاء في مواضع من الشرع على جهة الطب والتداوي، كما قال: من تصبح كل يوم بسبع تمرات من عجوة المدينة لم يضره ذلك اليوم سم (١)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه: أهريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن (٢)، ومثل هذا كثير، وقد أورد على هذا: أن الكلب لا يقرب الماء، وانفصل عن ذلك حفيده صاحب كفاية المقتصد: بأن ذلك لا يكون إلا في حال تمكن ذلك الداء به، وأما


(١) رواه أحمد (١/ ١٨١)، والبخاري (٥٤٤٥)، ومسلم (٢٠٤٧)، وأبو داود (٣٨٧٦) من حديث سعد رضي الله عنه، وليس فيه لفظة: "المدينة". وإنما في بعض ألفاظه: "من تمر العالية". وانظر: الأحاديث الواردة في فضائل المدينة للدكتور صالح الرفاعي ص (٦٤٣).
(٢) رواه أحمد (٦/ ١٥١) والبخاري (٤٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>