للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى تَبلُغَ شُؤُونَ رَأسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيهَا المَاءَ. فَقَالَت عَائِشَةُ: نِعمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنصَارِ! لَم يَكُن يَمنَعُهُنَّ الحَيَاءُ أَن يَتَفَقَّهنَ فِي الدِّينِ.

وَفِي أُخرَى: فِرصَةً مِن مِسكٍ.

ــ

فيها (١) بكسر الفاء وفتح الصَّاد المهملة، وهي القطعة من الشيء، وهي مأخوذة من الفَرص، وهو: القطع، والمِفرص والمِفراص: الذي تقطع به الفضة، وقد يكون الفرص الشق. يقال: فرصت النَّعل؛ أي: شققت أذنيها (٢).

وأما مُمَسَّكة: فروايتنا فيها بضم الميم الأولى وفتح الثانية وتشديد السين، ومعناه: مُطَيبةٌ بالمسك، مبالغة في نفي ما يكره من ريح الدم، وعلى هذا تصح رواية الخشني عن الطبري: فرصة من مِسكٍ بكسر الميم، وعلى هذا الذي ذكرناه أكثر الشارحين، وقد أنكر ابن قتيبة هذا كله، وقال: إنما هو فرضةٌ بضم الفاء (٣) وبالضاد المعجمة، وقال: لم يكن للقوم وسع في المال بحيث يستعملون الطيب في مثل هذا، وإنما هو مَسكٌ، بفتح الميم، ومعناه: الإمساك، فإن قالوا: إنما سمع رباعيًا، والمصدر إمساك، قيل: سمع أيضًا ثلاثيًا، فيكون مصدره مَسكًا.

قال الشيخ: لقد أحسن من قال في ابن قتيبة: هجومٌ ولَاّجٌ على ما لا يُحسن، ها هو قد أنكر ما صح من الرواية في فرصة، وجَهِلَ ما صحح نقله أئمة اللغة، واختار ما لا يَلتئِمُ الكلام معه، فإنه لا يصح أن يقال: خذ قطعة من إمساك، وسَوَّى بين الصحابة كلهم في الفقر وسوء الحال، بحيث لا يقدرون على استعمال مسكٍ عند التطهر والتنظف، مع أن المعلوم من أحوال أهل الحجاز واليمن مبالغتهم في استعمال الطيب من المسك وغيره، وإكثارهم من ذلك، واعتيادهم له، فلا يلتفت لإنكاره، ولا يعرج على قوله.


(١) ساقط من (ع).
(٢) قال في اللسان: فَرَّصْتُ النَّعْلَ؛ أي: خرقت أذنيها للشِّراك.
(٣) في (م): قرضة، بضم القاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>