للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣٠٥]- وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أَدبَرَ الشَّيطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لا يَسمَعَ التَّأذِينَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّأذِينُ أَقبَلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاةِ أَدبَرَ،

ــ

وقد احتجّ بهذا الحديث من رأى أن فضيلة الأذان أكثر من فضيلة الإمامة، واعتذر عن كون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يؤذِّن لما يشتمل عليه الأذان من الشهادة بالرسالة، وقيل: إنما ترك الأذان لما فيه من الحيعلة، وهي أمر، فكان لا يسع أحدًا ممن سمعه التأخر وإن كان له حاجة وضرورة. وقيل: لأنه كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في شغل عنه بأمور المسلمين، وهذا هو الصحيح، وقد صرَّح بذلك عمر فقال: لولا الخِلِّيفَى - أي الخلافة - لأذَّنت (١).

وقوله في الأم (٢) أدبر الشيطان له حُصاص (٣) هو الضُّراط، كما فسره في هذه الرواية. وقيل: إنه شدةُ العدو - قالهما أبو عبيد. وقال عاصم بن أبي النَّجود: إذا ضرب بأذنيه ومصع بذنبه وعدا فذلك الحُصاص، وهذا يصح حمله على ظاهره؛ إذ هو جسم مُغتَذٍ يصح منه خروج الريح. وقيل: إنه عبارة عن شدة الغيظ والنّفار، وذلك لما يسمع من ظهور الإسلام ودخولهم فيه وامتثالهم أوامره، كما يعتريه يوم عرفة لما رأى من اجتماع الناس على البر والتقوى ولما يتنزل عليهم من الرحمة.

وقوله حتى إذا ثُوِّب بالصلاة أدبر؛ أي أقيمت، وأصله أنه رجع إلى ما يشبه الأذان، أو لأن الإقامة يُرجع إليها ويكرر على ما تقدم، وأصله من ثاب إلى الشيء إذا رجع، ومنه قيل لقول المؤذن الصلاة خير من النوم تثويب. وقال


(١) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (١/ ٢٢٤) بلفظ: لو أطقت الأذان مع الخِلِّيفى لأذَّنت.
ولفظ المصنِّف في لسان العرب مادة (خلف).
(٢) أي: أصل صحيح مسلم برقم (٣٨٩) "١٨".
(٣) في هامش (ل): حُصاص: بالمهملات.

<<  <  ج: ص:  >  >>