للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَقُولُ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَّلَ: قَسَمتُ الصَّلاةَ بَينِي وَبَينَ عَبدِي نِصفَينِ، وَلِعَبدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ العَبدُ {الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} قَالَ اللهُ تعالى: حَمِدَنِي عَبدِي. وَإِذَا قَالَ {الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ} قَالَ اللهُ تعالى:

ــ

فهي منها وراجعة إليها، ومنها سميت الأم أُمًّا؛ لأنها أصل النَّسل، والأرض أُمًّا في قوله:

فالأرض معقلنا وكانت أُمَّنا ... فيها مقابرنا وفيها نولد

ومنه: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} و: {هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ} ولا معنى لكراهية من كره تسميتها بأم القرآن مع وجود ذلك في الحديث.

وقوله قسمت الصلاة يعني أم القرآن، سماها صلاة؛ لأن الصلاة لا تتم - أو لا تصح - إلا بها، ومعنى القسمة هنا من جهة المعاني؛ لأن نصفها الأول في حمد الله وتمجيده والثناء عليه وتوحيده، والنصف الثاني في اعتراف العبد بعجزه وحاجته إليه وسؤاله في تثبيته لهدايته ومعونته على ذلك، وهذا التقسيم حجة على أن بسم الله الرحمن الرحيم ليست من الفاتحة خلافًا للشافعي، وسيأتي قوله.

وقوله تعالى حمدني عبدي؛ أي: أثنى عليّ بصفات كمالي وجلالي. ومجّدني شرّفني؛ أي: اعتقد شرفي ونطق به، والمجد: نهاية الشرف، وهو الكثيرُ صفاتِ الكمالِ، والمجد: الكثرة، ومنه قوله:

في كل شجر نار واستَمجَدَ المَرخُ والعَفَار (١)


(١) "المرخ": شجر سريع الاشتعال. و"العفار": شجر يتّخذ منه الزناد. و"اسْتمجد": استكثر.
وهذا المثلُ يضرب في تفضيل بعض الشيء على بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>