وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - التَّشَهُّدَ كَفِّي بَينَ كَفَّيهِ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ القُرآنِ. وَذَكَرَ مِثلَهُ.
ــ
ذلك كله من الصلوات والأعمال لا تفعل إلا لله تعالى، ويجوز أن يراد به الاعتراف بأن مَلكَ ذلك كله لله تعالى.
وقوله على عباد الله الصالحين فيه دليل على أن جمع التكثير للعموم وعلى صحة القول بالعموم من غير توقف ولا تأخير، وقد نبّه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك حيث قال: أصابت كل عبد صالح - فأدخل فيه الكُلَّ حتى الملائكة.
وقوله ثم ليتخيّر بعدُ من المسألة ما شاء حجة للجمهور على أبي حنيفة حيث يقول: لا تدعو في الصلاة إلا بما جاء في القرآن، وحجة على الشافعي حيث أوجب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل صلاة بعد التشهد الأخير. والصحيح عند الجمهور أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة في الجملة، مندوب إليها في الصلاة وغيرها، متأكِّدة النَّدبِيَّة في الصلاة، حتى إن بعض أصحابنا يطلقون عليها أنها سنة لقوله - عليه الصلاة والسلام - للرجل الذي علمه الصلاة: فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، ولم يذكر فيه الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما تقدم.
واختلف العلماء في حكم التشهدين؛ فهما غير واجبين عند مالك والجمهور بل مندوبان، وذهب فقهاء أصحاب الحديث إلى وجوبهما، وذهب الشافعي إلى وجوبه في الآخرة، وروي عن مالك مثله، والصحيح الأول على الطريقة المتقدمة منه.
وسُمي التشهد تشهدًا لأنه مأخوذ من لفظ الشهادتين بالوحدانية لله وبالرسالة لرسوله صلى الله عليه وسلم.