للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رِوَايَةٍ: فَصَلَّى بِهِم تِلكَ الصَلاة - فَافتَتَحَ سُورَةِ البَقَرَةِ، فَانحَرَفَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى وَحدَهُ وَانصَرَفَ، فَقَالُوا لَهُ: أَنَافَقتَ يَا فُلانُ؟ فَقَالَ: لا وَاللهِ، وَلآتِيَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلأُخبِرَنَّهُ! فَأَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:

ــ

وفي رواية فيصلي بهم تلك الصلاة، تمسَّك الشافعي وأحمد في صلاة المفترض خلف المتنفِّل بهذا الحديث، وخالفهما مالك وربيعة والكوفيون، ورأوا أنه لا حجة لهما فيه لوجهين؛

أحدهما: أنه يحتمل أن يكون معاذ اعتقد في صلاته خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - الفضيلة وبصلاته لقومه الفريضة، وليس هذا الاحتمال بأولى مِمَّا صاروا إليه، فلحق بالمجملات، فلا يكون فيه حجة.

والثاني: أن في مسند البزار عن عمرو بن يحيى المازني عن معاذ بن رفاعة (١) عن رجل من بني سليم يقال له سلم أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنا نَظَلُّ في أعمالنا، فنأتي حين نمسي، فيأتي معاذ فيطوِّل علينا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاذ، لا تكن فتانًا، إما أن تُخفِّف بقومك أو تجعل صلاتك معي (٢). وظاهر هذا يدلّ على أنه كان يصلي الفريضة مع قومه، ومتمسّك المانعين قوله عليه الصلاة والسلام: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه (٣). ولا اختلاف أعظم من اختلاف النيات، والله تعالى أعلم.

وأما قطع الرجل الصلاة فلعذرٍ صَحَّ له، وهو أنه ضَعُف عن صلاة معاذ لما لحقه من شدة ألم العمل، ولأجل ذلك أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على معاذ حتى نسبه إلى


(١) في (ع): جبل، وهو خطأ.
(٢) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٢/ ٧٢): رواه أحمد، ورجاله ثقات. أما الحديث الشاهد فلم يروه البزار.
(٣) رواه أحمد (٢/ ٣١٤)، والبخاري (٧٢٢) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>