للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المسألة الثالثة: وهي أن النسخ إذا وجد من الشارع، فهل يكون نسخًا في حق من لم يبلغه الناسخ؟ أو لا يكون نسخًا في حقه حتى يبلغه؟ اختلف فيه على قولين، وفائدة الخلاف في هذه المسألة في عبادات فُعلت بعد النسخ، وقبل البلاغ: هل تعاد أو لا؟ فإن قلنا بالأول، أعادها؛ إذ لم تكن عبادة في نفسها، وقد نسخت. وإن تنزَّلنا على الثاني لم يُعد؛ إذ هو مخاطب بفعل ما قد تقرر الأمر به، وهو الأولى. وقد ردّ إلى هذه المسألة مسألة الوكيل إذا تصرف بعد العزل وقبل العلم به، فهل يمضي تصرفه أو لا؟ قولان. وقد فرّق القاضي عياض بين مسألة النسخ ومسألة الوكيل: بأن مسألة الوكيل تعلق بها حق الغير على الموكّل، فلهذا توجه الخلاف فيها. ولم يختلف المذهب عندنا في أحكام من أعتق ولم يعلم بعتقه: أنها أحكامُ حرٍّ فيما بينه وبين الناس، فأما ما بينه وبين الله فجائزة. ولم يختلفوا في المُعتَقَةِ أنها لا تعيد ما صلت - بعد عِتقِها وقبل علمها بغير ستر. وإنما اختلفوا فيمن يطرأ عليه موجب يغيِّر حكم عبادة وهو فيها؛ بناء على هذه المسألة.

المسألة الرابعة: خبر الواحد، وهو مجمع عليه من السلف، معلوم بالتواتر من عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - في توجهه ولاته ورسله آحادًا للآفاق ليعلِّموا الناس دينهم، ويبلِّغوهم سنة رسولهم؛ من الأوامر والنواهي، والمخالف في ذلك معاند، أو ناقص الفطرة.

وقول البراء: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا - أو سبعة عشر شهرًا-. الصحيح: سبعة عشر؛ من غير شك. وهو قول مالك وابن المسيب وابن إسحاق. ويروى (١): ثمانية عشر شهرًا. وبعد سنتين. وبعد تسعة أشهر، أو عشرة أشهر، والصحيح ما ذكرناه أوّلا.


(١) في (ل): وقد روي.

<<  <  ج: ص:  >  >>