للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤٢٢]- وَعَنهَا قَالَت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَم يَقُم مِنهُ: لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنبِيَائِهِم مَسَاجِدَ.

قَالَت: فلَولا ذَلِكَ أُبرِزَ قَبرُهُ، غَيرَ أَنَّهُ خُشِيَ أَن يُتَّخَذَ مَسجِدًا.

رواه أحمد (٦/ ٣٤ و ٨٠)، والبخاري (١٣٣٠)، ومسلم (٥٢٩)، والنسائي (٢/ ٤٠ - ٤١).

ــ

تعالى عند قبورهم، فمضت لهم بذلك أزمان، ثم إنهم خلف من بعدهم خلف جهلوا أغراضهم، ووسوس لهم الشيطان: أن آباءهم وأجدادهم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها، فعبدوها، فحذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مثل ذلك، وشدّد النكير والوعيد على فعل ذلك، وسَدَّ الذرائع المؤدية إلى ذلك، فقال: اشتدّ غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فلا تتخذوا القبور مساجد (١)، أي: أنهاكم عن ذلك. وقال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد (٢)، وقال: اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد (٣)، ولهذا بالغ المسلمون في سدّ الذريعة في قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأَعلُوا حيطان تربته، وسَدُّوا المداخل إليها، وجعلوها محدقة بقبره - صلى الله عليه وسلم -، ثم خافوا أن يُتخذ موضع قبره قبلة - إذ كان مستقبل المصلين -، فتتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين، وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلث من ناحية الشمال، حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره (٤)، ولهذا الذي ذكرناه كله قالت عائشة: ولولا ذلك لأُبرز قبره.


(١) رواه مالك في الموطأ (١/ ١٧٢) من حديث عطاء بن يسار رضي الله عنه.
(٢) رواه مسلم (٥٣٢)، وهو تتمة حديث جندب في التلخيص (٤٢٤).
(٣) رواه مالك في الموطأ (١/ ١٧٢) من حديث عطاء بن يسار رضي الله عنه.
(٤) هذا الوصف يتوافق مع وَضْع القبر الشريف في عصر المؤلف. ثم طرأ عليه تعديل في العصر المملوكي ثم العثماني بحيث أصبح القبر ضمن حجرة مربعة تعلوه القبة الخضراء. فمن صلّى خلف الحجرة لم يكن مستقبلًا القبر لوجود الساتر.

<<  <  ج: ص:  >  >>