للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤٣٦]- وعَن أَبِي حَازِمٍ: أَنَّ نَفَرًا جَاؤوا إِلَى سَهلِ بنِ سَعدٍ، قَد تَمَارَوا فِي المِنبَرِ: مِن أَيِّ عُودٍ هُوَ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعرِفُ مِن أَيِّ عُودٍ هُوَ، وَمَن عَمِلَهُ، وَرَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوَّلَ يَومٍ جَلَسَ عَلَيهِ. قَالَ: فَقُلتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ! فَحَدِّثنَا. قَالَ: أَرسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى امرَأَةٍ (قَالَ أَبُو حَازِمٍ: إِنَّهُ لَيُسَمِّيهَا يَومَئِذٍ) انظُرِي غُلامَكِ النَّجَّارَ يَعمَل لِي أَعوَادًا أُكَلِّمُ النَّاسَ عَلَيهَا، فَعَمِلَ هَذِهِ الثَّلاثَ دَرَجَاتٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -

ــ

وروى عنه التِّنِّيسي: أن الحديث منسوخ، قال أبو عمر بن عبد البر: لعل هذا نُسخ بتحريم العمل والاشتغال في الصلاة بغيرها. وقال الخطابي: يشبه أن هذا كان منه - صلى الله عليه وسلم - على غير قصد وتعمد، لكن الصبية تعلّقت به لطول إِلفِهَا لَهُ، وهذا باطل؛ لقوله في الحديث: خرج علينا حاملا أمامة على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع رأسه من السجود أعادها (١). والأشبه: أنه كان لضرورة لم يقدر على أن ينفكّ عنها، أو هو منسوخ. والله تعالى أعلم.

وفيه من الفقه: جواز إدخال الصغار المساجد، إذا علم من عادة الصبي أنه لا يبول، وأن ثيابه محمولة على الطهارة، وأن لمس النساء ليس بحَدَث، وأن حكم من لا تشتهى من النساء بخلاف حكم من يُشتهى منهن. وفيه: تواضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشفقته، وجواز حمل ما لا يشغل في الصلاة شغلا كثيرًا.

وقوله: انظري غلامك النجار يعمل لي أعوادًا أكلم الناس عليها. فيه دليل: على أن اتخاذ المنبر مسنون في الجمعة للخطبة، وفائدته: الإبلاغ والإسماع. وقد استدل أحمد بن حنبل بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر على جواز


(١) رواه ابن خزيمة (٩٠٩)، والبيهقي (٢/ ٢٨٧ - ٢٨٨)، وابن حبان (٢٢٨٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وانظر: الترغيب والترهيب (٧٨٨) طبعة دار ابن كثير ودار الكلم الطيب ومؤسسة علوم القرآن، سنة (١٩٩٣ م).

<<  <  ج: ص:  >  >>