وَفي أُخرَى: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِذَا زَادَ الرَّجُلُ أَو نَقَصَ فَليَسجُد سَجدَتَينِ، قَالَ: ثُمَّ سَجَدَ سَجدَتَينِ.
وَفي أُخرَى: أَنَّهُ - عليه الصلاة والسلام - صلى خَمسًا (مِن غَيرِ شَكٍّ).
رواه أحمد (٦/ ٢٨)، والبخاري (١٢٢٦)، ومسلم (٥٧٢)(٨٩ و ٩٠ و ٩٢ و ٩٦)، وأبو داود (١٠١٩ - ١٠٢٢)، والترمذي (٣٩٢ و ٣٩٣)، والنسائي (٣/ ٣١ - ٣٣)، وابن ماجه (١٢١١).
* * *
ــ
الجمهور ردّوه إلى حديث أبي هريرة، وهذا لم تضم إليه ضرورة تعارض، إذ يمكن أن يحمل كل واحد من الحديثين على حالة غير الأخرى، فَيَحملُ حديث أبي هريرة فيمن شك، ويحمل هذا الحديث فيمن ظنّ، ولا تعارض بينهما، والتحرّي وإن كان هو القصد، كما قال تعالى:{فَأُولَئِكَ تَحَرَّوا رَشَدًا} فكما يُقصَدُ المتيقَّن يُقصَدُ المظنون، والله تعالى أعلم.
فإن قيل: الموجب لتأويل هذا الحديث وردّه إلى حديث أبي هريرة: أن الصلاة في ذمته بيقين، ولا تبرأ ذمته إلا بيقين، قلنا: لا نسلِّم، بل تبرأ ذمته بغلبة الظن؛ بدليل: أن صحة الصلاة تتوقف على شروط مظنونة باتفاق؛ كطهارة النجاسة، وطهارة الحدث باختلاف، والموقوف على المظنون مظنون، فلا يلزم اليقين، وإن كان الأولى هو اليقين، والله تعالى أعلم.
وقوله: إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين: يقتضي التسوية بين ما كان للنقص، وبين ما كان للزيادة، فإما أن يكون هذا الأمر بهما على الوجوب، أو على الندب. والتفرقة التي حكيناها عن أصحابنا مخالفة لهذا الظاهر فتلغى.
وقوله في الرواية الأخرى التي لا شك فيها: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى خمسًا ثم سجد؛ حجة على أبي حنيفة حيث قال: تبطل الصلاة بزيادة الخامسة، وهو حجة