للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤٦٣]- وَعَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الظهر فَسَلَّمَ فِي ثَلاثِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ دَخَلَ مَنزِلَهُ، فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الخِربَاقُ، وَكَانَ فِي يَدَيهِ طُولٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ، وَخَرَجَ غَضبَانَ يَجُرُّ

ــ

الاعتذار يبطله قوله [في الرواية الأخرى] (١): لم أنس ولم تقصر، بدل قوله: كل ذلك لم يكن، فقد نفى الأمرين نصًّا.

والثاني: أنه إنما أخبر عن الذي كان في اعتقاده وظنه، وهو أنه لم يفعل شيئًا من ذلك، فأخبر بحق؛ إذ خبره موافق لما في نفسه، فليس فيه خلف ولا كذب، وعن هذا ما قد صار إليه أكثر الفقهاء: إلى أن الحالف بالله على شيء يعتقده، فيظهر أنه بخلاف ما حلف عليه، أن تلك اليمين لاغية، لا حنث فيها، وهي التي لم يُضِفها الله تعالى إلى كسب القلب، حيث قال: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغوِ فِي أَيمَانِكُم وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَت قُلُوبُكُم} وقد روى أبو داود حديث أبي هريرة هذا، وقال مكان: كل ذلك لم يكن: لم أنس، ولم تقصر. ومَحمِلُهُ على ما ذكرناه من إخباره عن اعتقاده. وللأصحاب فيه تأويلات أُخَر:

منها: أن قوله: لم أنس راجع إلى السلام؛ أي: لم أنس السلام، وإنما سلّمت قصدًا، وهذا فاسد؛ لأنه حينئذ لا يكون جوابًا عما سئل عنه.

ومنها: الفرق بين النسيان والسهو، فقالوا: كان يسهو ولا ينسى؛ لأن النسيان غفلة، وهذا أيضًا ليس بشيء؛ إذ لا نسَلّم الفرق، ولو سلم فقد أضاف - صلى الله عليه وسلم - النسيان إلى نفسه في غير ما موضع، فقال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني (٢)، وقوله: إني لأَنسَى - أو أُنَسَّى - لأَسُنَّ (٣)، وغير ذلك.


(١) ساقط من (ع).
(٢) سبق تخريجه برقم (٤٩٦).
(٣) رواه مالك في الموطأ (١/ ١٠٠) بلاغًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>