المسألة الثالثة: وأما محله: فمهما قرأ القرآن، ومرّ بموضع سجدة سجد إذا كان في وقتها على ما يأتي، وإن كان في صلاة ففي النافلة إن كان منفردًا، وفي جماعة يأمن التخليط فيها. فإن كان في جماعة لا يأمن فيها ذلك، فالمنصوص جوازه، وقيل: لا يسجد فيها. وأما في الفريضة: فالمشهور عن مالك النهي عنه فيها، سواء كانت صلاة (١) سرٍّ أو جهرٍ، جماعة أو فرادى، وهو معلل بكونها زيادة في أعداد السجود في الفريضة. وقيل: هو معلل بخوف التخليط على الجماعة، وعلى هذا لا يمنع منه الفرادى، ولا الجماعة التي يأمن فيها التخليط.
المسألة الرابعة: وأما وقته، فقيل: يسجد في سائر الأوقات مطلقًا؛ لأنها صلاة لسبب، وهو قول الشافعي وجماعة. وقيل: ما لم يسفر الصبح، أو: ما لم تصفر الشمس بعد العصر. وقيل: لا يسجد بعد العصر، ولا بعد الصبح. وقيل: يسجد بعد الصبح ما لم يسفر، ولا يسجد بعد العصر. وهذه الثلاثة الأقوال في مذهبنا، وسبب الخلاف: معارضة ما يقتضيه سبب قراءة السجدة من السجود المرتب عليها، لعموم النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الصبح، واختلافهم في المعنى الذي لأجله نهي عن الصلاة في هذين الوقتين، والله أعلم.
المسألة الخامسة: في شرطه. قال القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى: لا خلاف أن سجود القرآن يحتاج إلى ما تحتاج إليه الصلاة؛ من طهارة حدث ونجس، ونية، واستقبال قبلة، ووقت، على ما تقدم. وهل يحتاج إلى تحريم ورفع يدين عنده، وتكبير وتسليم؟ فذهب الشافعي وأحمد وإسحاق إلى أنه يكبر ويرفع يديه للتكبير لها، ومشهور مذهب مالك أنه يكبر لها في الخفض والرفع في الصلاة، واختلف عنه في التكبير لها في غير الصلاة، وبالتكبير لذلك قال عامة الفقهاء، ولا سلام لها عند الجمهور. وذهب جماعة من السلف وإسحاق بن