للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التي لا يُبلَغُ مُنتَهاها،

ــ

والمحامد: جمع مَحمِدَة، بكسر الميم؛ كما قال الأحنف بن قيس: ألا أدلُّكم على المَحمِدَةِ بلا مَريَة؟ الخُلُقُ السَّجِيح (١) والكفُّ عن القبيح.

وكان قياسُ ميم المَحمِدَة التي هي عينُ الفعل: أن تكونَ مفتوحة؛ لأنَّ قياسَ الأفعالِ الثلاثيَّة التي يكون الماضي منها على فَعِلَ مكسور العين: أن يكون الفعلُ منها مفتوحَ العين في المصدر والزمان والمكان؛ كالمَشرَب، والمَعلَم، والمَجهَل، لكن شذَّت عنهم كلمات.

قال أبو عمرَ الزاهدُ: لم يأت على مثال فَعِلتُ مَفعِلَةً إلَاّ قولهم: حَمِدتُّ مَحمِدَةً، وحَمِيتُ مَحمِيَةً، أي: عصمت، وحَسِبتُ مَحسِبَةً، ووَدِدتُّ مَودِدَةً، وأنشد الراجز:

مَا لِيَ في صُدُورِهِم مِن مَودِدَة

وزاد غيره: كَبِرتُ مَكبِرَةً ومَكبِرًا؛ كما قال أعشى هَمدان:

طَلَبتَ الصِّبَا لما عَلاني المَكبِرُ

وحكى ابنُ البياتِيّ في كتابه الكبير في ميم المحمدة الفتحَ، ونقل عن ابن دُرَيدٍ: مَحمِدَة ومَحمَدة، بالكسر والفتح، وقاله أيضًا ابن سِيدَه.

وقال بعضهم: إنَّ المحامدَ جمع حَمدٍ على غير قياس؛ كالمَفَاقِر جمع فَقر، والأوَّل أولى؛ لأنّ ما ليس بقياسٍ لا يقاسُ عليه؛ إذ الجمعُ بينهما متناقض، وقد جُمِعَ الحمدُ جمعَ القِلَّةِ في قول الشاعر:

وَأَبلَجَ مَحمُودِ الثَّنايا خَصَصتُهُ ... بأَفضَلِ أَقوَالِي وَأَفضَلِ أَحمُدِ

و(قوله: التي لا يُبلَغُ مُنتهاها) أي: لَعجِز البشر عن الإحصاء؛ لقصور علمهم


(١) "الخُلُق السَّجيح": الليِّن السهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>