للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَينَهَا، وعن الأبصارِ عَشَاهَا، صَلَّى اللهُ عليه من الصلواتِ أفضَلَهَا وأزكَاهَا، وأبلَغَهُ عنَّا من التحياتِ أكمَلَهَا وأَولَاهَا، ورَضِيَ اللهُ عن عِترَتِهِ وأزواجِهِ وصحابتِهِ ما سَفَرَت شمسٌ عن ضُحَاهَا، وبعدُ:

ــ

ورَينُ القلبِ: ما يَغلِبُ عليه مما يُفسِدُهُ ويُقَسِّيه، وهو المعبَّر عنه بالطَّبعِ والخَتم في قول أهل السنة.

والعَشَا بفتح العين والقصر: ضَعفٌ في البصر، وبكسرها والمد: الوقتُ المعروف، وبفتحها والمد: ما يؤكَلُ في هذا الوقت، مقابلَ الغَدَاء.

وأزكاها: أكثرُها وأنماها؛ من قولهم: زَكا الزرعُ يَزكُو.

والتحيَّات: جمع تحيَّة؛ وهي هنا السلام، وأصلُ التحية: المُلكُ، ومنه قولهم: حيَّاك الله، أي: مَلَّكك الله، قاله القُتَبِيُّ.

والعِترة: الذرية والعشيرة، القُربى والبُعدى، وليس مخصوصًا بالذرية؛ كما قد ذهب إليه بعضهم حتى قال: إنَّ عترةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - هي وَلَدُ فاطمة خاصَّةً.

ويدلُّ على صحة القولِ الأوَّل: قولُ أبي بكر - رضي الله عنه - فيما رواه ابنُ قُتَيبَةَ: نَحنُ عِترَةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - التي خَرَجَ منها، وبَيضَتُهُ التي تفقَّأَت عنه، وإنما جِيبَتِ عنا كما جِيبَتِ الرَّحَا عن قُطبِها (١).

وسَفَرَت: كشفَت، يقال: سفَرتُ الشيءَ سَفرًا كشفتُهُ؛ ومنه سَفَرَتِ المرأةُ عن وجهها سُفُورًا: إذا أزالت خمارها، وأما أسفر الصبحُ: فأضاء، وأَسفَرَ القوم: ساروا في إسفارٍ من الصبح.

والضُّحَى: صدرُ النهار، بالضم والقصر، وهي حين شروقِ الشمس، وهي مؤنَّثة، فأمَّا الضَّحاءُ، بالمد: فارتفاع النهار الأعلى، وهو مذكَّر؛ قاله أبو عُبَيد.

والنتائج جمع نتيجة، وكُنّىَ بها هنا عن البراهين العقلية، فإنها قضت بما ذكرَناه جوازًا وإمكانًا.

وأدلة الشرع: هي أخباره الصادقة؛ فإنها قضَت بذلك وقوعًا وعِيَانًا.


(١) انظر النهاية لابن الأثير (٣/ ١٧٧).
"جيبت": أبعدت. "قطبها": القطب: حديدة في الطبق الأسفل من الرحا، يدور عليها الطبق الأعلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>