للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ تحرق بُيُوت عَلَى مَن فِيهَا.

ــ

لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق. وكما قال صلى الله عليه وسلم: بيننا وبين المنافقين شهود العتمة والصبح، لا يستطيعونهما! (١)

ويفيد هذا الحديث تأكُّدَ أمر شهود الصلوات في الجماعة، ولذلك قال جماعة من أمتنا: إن الجماعة فيها واجبة على الكفاية، من أجل أن إقامة السنن وإحياءها واجب على الكفاية؛ أي تركها يؤدي إلى إماتتها. وذهب عامة العلماء إلى أنها سنة مؤكدة، كما قد دللنا عليه بقوله صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ (٢)؛ إذ حاصله أن صلاة الفذ صحيحة ووقوعها في الجماعة أفضل. قال القاضي عياض: اختلف في التمالؤ (٣) على ترك ظاهر السنن هل يقاتل عليه أم لا؟ والصحيح قتالهم؛ لأن في التمالي عليها إماتتها.

قلت: ويحتمل أن يكون ذلك التهديد لقوم من المؤمنين صلوا في بيوتهم لأمر توهّموه مانعًا ولم يكن كذلك. ويؤيد هذا التأويل ما في كتاب أبي داود من الزيادة في هذا الحديث، فقال: لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا حزمًا من حطب، ثم آتي قومًا يصلّون في بيوتهم ليست بهم علّة فأحرقها عليهم. والمنافقون لا يصلون في بيوتهم، إنما يصلون في الجماعة رياء وسمعة، وأما إذا خلوا فكما وصفهم الله تعالى به من الكفر والاستهزاء. وعلى هذا التأويل تكون هذه الجماعة المهدَّد على التخلُّف عنها هي الجمعة، كما قد نص عليه في حديث عبد الله بن مسعود، فيحمل المطلق منهما على المقيَّد، والله تعالى أعلم.

وفي هذا الحديث دليل على جواز العقوبة في المال.

وفي قوله ثم تُحَرَّق بيوتٌ على من فيها ما يدل على أن تارك الصلاة


(١) رواه مالك في الموطأ (١/ ١٣٠) من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه.
(٢) سبق تخريجه برقم (٥٣٤).
(٣) أي: التمالؤ، وهو الاجتماع على الشيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>