(٨٢) ومن باب: من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه أكثر
قوله دياركم تكتب آثاركم، دياركم بالنصب على الإغراء؛ أي الزموا دياركم. وتكتب: جزم على جواب ذلك الأمر. والآثار: الخُطا. والبقاع جمع بُقعة؛ وهي المواضع الفارغة، زاد في كتاب البخاري وكره أن تُعرَى المدينة، وهذا تنبيه على علّة أخرى تحملهم على مقامهم بمواضعهم؛ وهي أنه كره أن تترك جهات المدينة عراء، أي فضاء خالية فيؤتون منها. ومن هذا قوله تعالى:{فَنَبَذنَاهُ بِالعَرَاءِ}؛ أي: بموضع خال.
وهذا الحديث والأحاديث التي قبله تدل على أن البعد من المسجد أفضل، فلو كان بجوار مسجد فهل له أن يجاوزه للأبعد؟ اختُلَف فيه؛ فرُوِيَ عن أنس أنه كان يجاوز المحدث إلى القديم، ورُوِي عن غيره أنه قال: الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرًا. وكره الحسن وغيره هذا، وقال: لا يدع مسجدًا قربه ويأتي غيره - وهو مذهبنا، وفي المذهب عندنا في تخطي مسجده إلى مسجده الأعظم قولان.