للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَحَقُّهُم بِالإِمَامَةِ أَقرَؤُهُم.

رواه أحمد (٣/ ٢٤ و ٤٨)، ومسلم (٦٧٢)، والنسائي (٢/ ٧٧).

[٥٥٨]- وعَن أَبِي مَسعُودٍ الأَنصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَؤُمُّ القَومَ أَقرَؤُهُم لِكِتَابِ الله، فَإِن كَانُوا فِي القِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعلَمُهُم بِالسُّنَّةِ،

ــ

وقوله وأحقهم بالإمامة أقرؤهم؛ أي: أكثرهم قرآنًا، كما قال البخاري من حديث عمرو بن سلمة: ويؤمكم أكثركم قرآنًا (١). ومحمله على أنه إذا اجتمع جماعة صالحون للإمامة فكان أحدهم أكثر قرآنًا كان أحقَّهم بالإمامة للمزية الحاصلة فيه، فلو كانوا قد استظهروا القرآن كله فيرجح من كان أتقنهم قراءة وأضبط لها وأحسن ترتيلا، فهو الأقرأ بالنسبة إلى هؤلاء.

وقوله يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله، تمسك بظاهر هذا أبو حنيفة فقال: القارئ أولى من الفقيه. وقال مالك: الفقيه أولى من القارئ؛ لأن الحاجة إلى الفقه أكثر، وهو أعرف بما ينوبه من الحوادث في الصلاة. وتأول أصحاب الحديث بأن الأقرأ فيه هو الأفقه؛ لأن الأقرأ كان عندهم هو الأفقه، لأنهم كانوا يتفقهون في القرآن، وقد كان من عرفهم الغالب تسميتهم الفقهاء بالقراء. قلت: إن صحت غلبة العرف فالقول ما قاله مالك.

وقوله فإن كانوا في القرآن سواء فأعلمهم بالسنة يعتضد به أبو حنيفة لمذهبه من حيث فضّل فيه بين القرآن والسنة، وهذه الزيادة - هنا - انفرد بها الأعمش، ومحملها عندنا وعند الشافعي - والله أعلم - فيمن كان في أول الإسلام عند عدم التفقُّه، فكان المقدَّم القارئ وإن كان صبيًّا على ما جاء في حديث عمرو بن سلمة، فلما تفقه الناس في القرآن والسنة قُدِّم الفقيه، بدليل تقديم النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر لخلافته في الصلاة. وقد نص - صلى الله عليه وسلم - على أن أقرأهم أُبَيٌّ (٢)، فلو


(١) رواه البخاري (٤٣٠٢).
(٢) رواه البخاري (٤٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>