للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥٧٦]- وعَن عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ يَزِيدَ قَالَ: صَلَّى بِنَا عُثمَانُ بِمِنًى أَربَعَ رَكَعَاتٍ، فَقِيلَ ذَلِكَ لِعَبدِ الله بنِ مَسعُودٍ فَاستَرجَعَ، ثُمَّ قَالَ: صَلَّيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى رَكعَتَينِ، وَصَلَّيتُ مَعَ أَبِي بَكرٍ الصِّدِّيقِ بِمِنًى رَكعَتَينِ،

ــ

الإتمام جائز، ومخالفة الإمام فيما رآه مما يسوغ ممنوعة. ويحتمل أن يريد بالإمام هنا أيّ إمام اتفق من أئمة المسلمين، ويعني به أن ابن عمر كان إذا صلى خلف مقيم أتم تغليبًا لفضيلة الجماعة وبحكم الموافقة فيما يجوز أصله.

وقد اختلف في مسافر صلى خلف مقيم، وهذا الخلاف يتنزل على الخلاف المتقدم في حكم القصر، فقياس من قال إن القصر فرض أن لا تجزئه صلاته، وحكاه القاضي أبو محمد عن بعض المتأخرين من أصحابنا. وقال غير هؤلاء: يقتدي به في الركعتين خاصة، ثم هل يسلم ويتركه أو ينتظره ويسلم معه؟ قولان.

ومن قال بأن القصر سنة من أصحابنا اختلفوا؛ فروى ابن الماجشون وأشهب أنه يتم ثم يعيد في الوقت، إلا أن يكون في أحد مسجدي الحرمين أو مساجد الأمصار الكبار، وروى مطرف أن لا إعادة، ورواه ابن القاسم.

قلت: وقياس من قال بالتخيير أن لا إعادة أصلا؛ بل القصر والإتمام في حقه سيّان يفعل أيهما شاء، إلا أن الأولى به أن لا يخالف الإمام، فإذا صلى خلف مقيم اتبعه من جهة منع المخالفة لا من جهة التخيير، والله أعلم.

وقوله فاسترجع؛ أي قال {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ} وهذا الاسترجاع لما رأى من تفويت عثمان لفضيلة القصر ولوجود صورة خلافه لمن تقدمه، ولا يفهم منه أن ذلك الإتمام لا يجزئ؛ لأنه قال: وليت حظي من أربع ركعات (١) ركعتان متقبَّلتان - فلو كانت تلك الصلاة لا تجزئ لما كان له فيها حظ؛ لا من ركعتين ولا من غيرهما، فإنها كانت تكون فاسدة كلها، والله تعالى أعلم.


(١) ساقطة من الأصول، واستدركناها من التلخيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>